من قدح المفضض واعزل فيك عن موضع الفضة احتج الشيخ على القول الثاني له برواية الحلبي قال: لا تأكلوا في آنية من فضة ولا في آنية مفضضة والعطف يقتضي التساوي في الحكم وقد ثبت التحريم في آنية الفضة فثبت في المعطوف وبرواية زيد عن الصادق (ع) انه كره الشرب في الفضة وفي القداح المفضضة والمراد بالكراهية في الأول التحريم فيكون في الثاني كذلك تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه ولان لولا ذلك لزم استعمال اللفظ المشترك في كلا معنييه أو اللفظ الواحد في معنى الحقيقة والمجاز وذلك باطل وبما رواه عن عمرو بن أبي المقدام قال رأيت أبا عبد الله (ع) قد أتى بقدح من ماء فيه ضبة من فضة فرأيته ينزعها بأسنانه احتج الشافعي بأن في الضب بالكسر سرفا وخيلاء فأشتبه الخالص و الجواب عن الحديث الأول: لان المعطوف والمعطوف عليه قد اشتركا في مطلق النهي وذلك يكفي في المساواة ويجوز الافتراق بعد ذلك يكون أحدهما نهي تحريم والآخر نهي كراهية وكذا الجواب عن الرواية الثانية: مع سلامتها من الطعن واستعمال اللفظ المشترك في كلا معنييه أو في الحقيقة والمجاز غير لازم إذ المراد بالكراهة مطلق رجحان العدم غير مقيد بالمنع من النقيض وعدمه وكان من قبيل المتواطي وعن الثالثة:
ان ما فعله أبو عبد الله لا يدل على التحريم فلعله فعل ذلك للتنزيه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن وهب قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الشرب في القدح فيه ضبة من فضة فقال: لا بأس إلا أن يكره الفضة فينزعها وعن كلام الشافعي المنع من المساواة في البابين ومن كون العلة ما ذكره نعم يجوز أن يكون علة أما التعليل بما ذكره قطعا فلا يجوز اتخاذ الأواني من غير الذهب والفضة واستعمالها في الأكل وغيره وإن كثرت أثمانها ثم يعارضه بأنه تابع للمباح فكان مباحا كالمصيب باليسير. فروع: [الأول] قال الشيخ يجب عزل الفم عن موضع الفضة وهو جيد لرواية عبد الله بن سنان الصحيح واعزل فاك عن موضع الفضة والامر للوجوب ولا احتجاج في رواية معاوية بن وهب على الضد كما صار إليه بعض الأصحاب. [الثاني] الأحاديث ورد في المفضض وهو مشتق من الفضة ففي دخول الآنية المضيئة بالذهب نظر ولم أقف للأصحاب فيه على قول والأقوى عندي جاز الفضة اليسيرة كالحلية للنف (للسيف) والقصعة والسلسلة التي يشعب بها لاناء انف؟؟ الذهب وما يربط به أسنانه لما رواه الجمهور في قدح رسول الله صلى الله عليه وآله والخاصة في مرآة موسى (ع) وروى الجمهور عن فحة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وآله أن يتخذ أنفا من ذهب وللحاجة أن ذلك واتخاذ ذلك جائز مع الحاجة وبدونها خلافا لبعض الجمهور أما ما ليس بإناء فالوجه الكراهية فيه وذلك كالصفائح في قائم السيف والميل لما فيه من النفع ولما رواه أنس قال:
إن كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وآله من فضة وتبيعه سيفه فضة وما بين ذلك حلق الفضة ورواية محمد بن إسماعيل لما أمر موسى (ع) بكسر قضيب العباس الملبس بالفضة قد يحمل على الكراهية. [الرابع] يجوز اتخاذ العواني (الأواني) من كل ما عدا الذهب والفضة مرتفعا من الثمن كان أو لا عملا بالأصل ولا يكره استعمال شئ منها في قول أكثر أهل العلم إلا أنه قد روي عن ابن عمر أنه كره الوضوء في الصفر والنحاس والرصاص وشبهه واختار أبو الفرج المقدمين لتغير الماء منه وللشافعي في الثمن قولان، أحدهما: التحريم وقال بعض الجمهور يكره الشرب في الصفر.
لنا: ما رواه الجمهور عن عبد الله بن زيد قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وآله فأخرجنا ما في تور من صفر فتوضى رواه البخاري وروى أبو داود عن عائشة قال كنت اغسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وآله في تور من شبه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن يوسف بن يعقوب قال كنت مع أبي عبد الله (ع) في الحجر فاستسقى ماء فأتي بقدح من صفر فيه ماء فقال له بعض جلسائه ان عباد البصري يكره الشرب في الصفر فقال: لا بأس وقال (ع) للرجل ألا سألته أذهب هو أم فضة احتج الشافعي بأن تحريم إتخاذ الأثمان بينة على تحريم ما هو أعلا ولان فيه سرفا وكسرا والجواب أن كسر القلب لا يحصل به للفقراء لعدم معرفتهم الجواهر المثمنة غالبا ولأنها لعلتها لا يحصل لاتخاذ الآنية منها إلا نادرا فلا يقضي إباحتها إلى اتخاذها واستعمالها بخلاف الأثمان الكثيرة منها كما أنه يحرم اتخاذ خاتم الذهب لا الخاتم من الجواهر المثمنة. [الخامس] لو أكل من آنية الذهب أو من الفضة على القول بالتحريم أو شرب يكون قد فعل محرما أما المأكول والمشروب فلا يكون محرما ان النهي عن الاستعمال لا يتناول المستعمل فيكون مباحا بالأصل السالم عن المعارض.
* مسألة: إذا ولغ الكلب في الاناء نجس الماء ووجب غسله وهو قول أكثر أهل العلم إلا من شذ وبه قال في الصحابة علي (ع) وابن عباس وأبو هريرة وروى ذلك عن عروة بن الزبير وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور وأبي عبيد وأحمد وذهب الزهري ومالك وداود إلى أنه طاهر يجوز التطهر به واختاره ابن المنذر. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات ومن طريق الخاصة ما رواه البقباق عنه (ع) انه سئل عن الكلب فقال: رجس نجس لا يتوضى بفضله الحديث واعلم أن مالكا احتج بما رواه جابر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الحياض بين المكة والمدينة يردها السباع والكلاب قال: لها ما شربت في بطونها ولنا ما أبقت شرابا وطهورا. والجواب: أنه محمول على الماء الكثير إذا ثبت هذا فاعلم أن الولوغ عبارة عن شرب الكلب مما فيه بطرف لسانه ذكره صاحب الصحاح واختلف العلماء في العدد فقال علماؤنا أجمع إلا ابن الجنيد انه يجب غسله ثلاث مرات إحديهن بالتراب واختلف الشيخان هنا فقال المفيد أن التراب في وسطى الثلاث وقال أبو جعفر الطوسي أنه يكون في الأولى وهو الحق عندي وبه قال سلار وابن البراج وابن حمزة وابن