إجماعا لرواية عائشة لا تعجلين حتى ترين القطنة البيضاء بضم " القاف " والمراد به القطنة التي تحشى في القبل وقيل أنه شئ يتبع الحيض أبيض فإن عاودها الدم في العشرة وانقطع قضيت ما فعلته من الصيام للعلم بوقوعه حال الحيض فإن النقاء المتخلل ليس له حكم الطهر وبه قال أبو حنيفة وهو أحد قولي الشافعي لان الدم من شأنه أن ينقطع تارة ويسيل أخرى والقول الأخرى للشافعي أن النقاء طهر كما أن الدم حيض وسواء غير العادة أو لم يغير إذا لم يتجاوز العشرة فإنه متى تجاوز العشرة كان استحاضة إجماعا وإنما الخلاف في أمرين أحدهما إذا عاد في العادة فمذهبنا ما قلناه وبه قال الثوري وأصحاب الرأي والشافعي لأنه صادف زمن العادة فأشبه ما لو لم ينقطع وقال عطا وأحمد ليس بحيض لأنه عاد بعد طهر صحيح ونحن لما كان الأصل عندنا أن الطهر عشرة أيام سقط هذا الكلام فلو جاوز أكثر الحيض بعد المعاودة فعندنا تتحيض بالعادة خلافا لبعض الجمهور. لنا: أن المقتضى للرد إلى العادة موجود وهو سيلان الدم والمعارض وهو تخلل النقاء لا يصلح للمانعية لما بينا أن أقل الطهر عشرة الثاني لو انقطع الأكثر فما دون بعد أن تجاوز العادة فمن قال إن المعاود في العادة ليس بحيض فهذا أولى عنده أن لا يكون حيضا ومن قال أنه يكون حيضا ففيه على قوله ثلاثة أوجه، أحدها: أن الجميع حيض بناء أن الزائد على العادة حيض ما لم يتجاوز الأكثر وهو مذهبنا. الثاني: ما وافق العادة حيض وما زاد عليها فليس بحيض لخروجه عنهما. الثالث: أن الجميع ليس بحيض لاختلاطه بما ليس بحيض ولو رأت أقل من ثلاثة أيام ثم رأت النقاء كذلك ثم الدم وانقطع لما دون العشرة كان طهرا عند أكثر الأصحاب وعند بعضهم يضم الثاني إلى الأول فإن بلغ ثلاثة فالجميع حيض وكذا لو تناوب الدم والنقاء في الساعات وإن كان عادتها عشرة فرأتها متفرقة وتجاوز تحيضت بعادتها واحتسب النقاء من الحيض عند القائلين بالتلفيق مطلقا وعندنا يشترط أن يتقدمه حيض صحيح ولو رأت يوما دما وثمانية طهر أو رأت يوم العاشر دما لم يكن حيضا عند علمائنا أجمع إذا قل الحيض ثلاثة أيام وهو قول كل من اشترط هذا العدد في القلة إلا أبا يوسف فإنا بيناه على أصل له أن الطهر المتخلل بين الدمين إذا انتقص عن أقله لم تفصل بينهما وكانا كالدم المتصل ثم ينظر أن كان ذلك كله لا يزيد على العشرة فلذلك حيض كله ما رأت فيه الدم وما لم تر سواء كانت مبتدأة أو ذات عادة فإن زاد فالعشرة حيض إن كانت مبتدئة وما رأت فيه الدم وما لم تر وما عداه طهر أو دم لا استحاضة و كذا عنده لو رأت ساعة دما ثم عشرة أيام إلا ساعتين طهرا ثم ساعة دما فالعشرة حيض ولو رأت ثلاثة أيام دما وستة طهرا ثم يوما دما فالجميع عندنا حيض وهو قول أبي يوسف وزفر وقال محمد أن الثلاثة الأول حيض والآخر الاستحاضة وبناه على أصل له وهو أن الطهر إذا تخلل بين الدمين إن كان الطهر أقل من ثلاثة أيام لم يفصل بحال وإن كان ثلاثة أيام فإن كان أقل من الدمين معا لم يفصل لأنه صار مغلوبا وكذا ان ساواهما تغليبا للمحرم على المبيح وإن زاد عليهما فصل ثم يجعل الممكن من الدمين حيضا فإن أمكنا فأسبقها هو الحيض فعلى أصله لو رأت يومين دما وسبعة طهرا ويوما دما فلا حيض لها لان الطهر أكثر من ثلاثة وهو أكثر من الدمين ففصل فليس في أحد الطرفين ما يمكن جعله حيضا فكانا استحاضة ولو رأت أربعة دما وخمسة طهرا ثم يوما دما فالعشرة حيض لان الطهر ساوى الدمين فلم يفصل ولو رأت يوما دما ويومين طهرا ويوما دما فالأربعة حيض عنده لان الطهر أقل من ثلاثة أيام ولو رأت ثلاثة دما وستة طهرا أو ثلاثة دما فعندنا ترجع إلى العادة وإن كانت مبتدأة تحيضت بالروايات وعند أبي يوسف وأبي حنيفة وزفر تجلس عشرة وقال محمد الطهر يوجب الفصل فالثلاثة الأولى حيض و الباقي استحاضة لان الطهر أكثر من الدمين الذين رأتهما في العشرة لان مجموعهما أربعة أيام والطهر ستة فأوجب الفصل ولو كانت عادتها عشرة في أول الشهر فرأت قبل عادتها يوما دما وطهرت عادتها أجمع ثم رأت بعدها يوما دما وانقطع فلا حيض لها عندنا وهو قول محمد خلافا لأبي يوسف فإنه جعل العشرة حيضا. لنا: أن هذين الدمين ليسا بحيض فلا يجوز جعل الطهر بما ليس بحيض حيضا قال أبو يوسف إن هذا طهر فاسد إن كان دما حكما كالدم الفاسد طهر حكما وبناء على أصل له هو أن يبتدء الحيض بالطهر ويختم به بشرط أن يكون قبل ابتدائه وبعد انتهائه دم ولو ساعة ويجعل الطهر حيضا بإحاطة الدمين ولو رأت قبل عشرتها يوما دما ورأت يوما طهرا في الأول عشرتها ثم رأت ثمانية أيام دما من عشرتها ورأت العاشر طهرا ثم الحادي عشر دما فعشرتها حيض في قول أبي يوسف وإن حصل ختمها وابتدأها بالطهر لان قبلها وبعدها دم وعند محمد يكون حيضها ثمانية أيام وهو الوجه عندي ولو لم تر الدم في اليوم الذي قبل عشرتها فعند أبي يوسف حيضها تسعة أيام لأنه رأت في عادتها واليوم الذي رأت قبل أيامها حيض تبعا لأيامها فكان المجموع عشرة واليوم العاشر الذي رأت فيه الطهر ليس بحيض لأنه لا يختم الحيض بالطهر إذا لم يكن بعدده دم وعند محمد الحيض ثمانية أيام ولو تر قبلها ولا بعدها فالحيض ثمانية عندهما معا. فروع: الأول: إذا قلنا بالتلفيق فكل قدر من الدم لا يجعل حيضا تاما وكذا كل قدر من الطهر لكن جميع الدماء حيض واحد يفرق وجميع النقاء طهر كامل واحد حتى أن العدة لا ينقضي بعود الدم ثلاث مرات ولو كان كل قدر من النقاء طهر كاملا خرجت العدة بعد ثلاثة. الثاني إذا رأت الدم يوما وانقطع لم يجب الغسل إلا إذا غمس القطنة لأنه إن لم يعد لم يكن له حكم الحيض وإن عاد تبين ان الزمان زمان الحيض وليس للغسل في وقت الحيض حكم إن قلنا أن أيام النقاء حيض بل نأمرها بالوضوء والصلاة. الثالث لو رأت يوما دما أسود ويوما أصفر وهكذا فعندنا تتحيض على التوالي ومن يعتبر التميز يلفق أيام الدماء السود. البحث الرابع في الاحكام:
مسألة: يحرم على الحائض الصلاة والصوم وهو مذهب عامة أهل الاسلام روى البخاري بإسناده قول النبي صلى الله عليه وآله أليست إحداكن