هدايا الناس بعضهم لبعض * تولد في قلوبهم الوصالا وتزرع في القلوب هوى وودا * وتكسوهم إذا حضروا جمالا وقال أبو الفتح البستي: لا شئ أدفع للاحن والعداوات والضغائن وتلبد الحقد وطريقه: كالهدايا. وقال (ص): من سره أن ينسأ له في أجله، ويوسع له في رزقه، فليصل رحمه.
والهبة والهدية، وصدقة التطوع: حكمها واحد: وكل لفظة من هذه الألفاظ تقوم مقام الأخرى، فقد تقرر: أن التمليك بلا عوض هبة. فإن انضم إليه كون التمليك لمحتاج طلبا لثواب الآخرة. فهو صدقة، وإن انضم إليه نقل الموهوب إلى مكان الموهوب له إكراما له فهو هدية.
ولا بد في الهبة من الايجاب والقبول، بل يقوم مقامهما البعث من هذا والقبض من هذا.
وأما العمري والرقبى فقد كانت العرب في الجاهلية تستعمل في مقصود الهبة لفظين، أحدهما قولهم: أعمرتك هذه الدار أو الأرض، أو الإبل أي جعلتها لك عمرك، أو حياتك، أو ما عشت. وهذا اللفظ مأخوذ من العمر. والاسم العمرى واللفظ الثاني قولهم: أرقبتك هذه الدار أو الأرض أو الإبل، وجعلتها لك رقبى، ووهبتها منك على أنك إن مت قبلي عادت إلي، وإن مت قبلك استقرت لك. وهي من المراقبة، لان كل واحد منهما يرقب موت صاحبه. والاسم الرقبى والحكم فيها كالحكم فيما إذا قال: جعلتها لك عمري فإذا مت عادت إلي. وإذا قال: أعمرتك هذه الدار فإذا مت فهي لورثتك فهي هبة. ولو اقتصر على قوله: أعمرتك. فكذلك على الجديد. ولو قال:
إذا مت عادت إلي. فهذه صورة الرقبى.
وما يجوز بيعه يجوز هبته، ولا يجوز بيعه - من المجهول والمعجوز عن تسليمه، كالمغصوب والضال - لا تجوز هبته.
وهبة الدين ممن هو عليه إبراء له ومن غيره: لا يصح على الأصح.
ولا يحصل الملك في الهبات إلا بالقبض. والقبض المعتبر: هو القبض بإذن الواهب.