وأجرة طبيب على ما يراه الناظر ويستصوبه وتدعو الحاجة إليه، ثم يذكر معلوم الامام والمؤذن، والقائم والفراش والبواب، وما على الشيخ والفقراء من الصلاة بالزاوية المذكورة، والقراءة والذكر والأوراد وأوقاتها. ويكمل على نحو ما تقدم شرحه.
وصورة الوقف على زاوية الفقراء:
الحمد لله مثيب من وقف عند نهيه وامتثل أمره، ويجيب دعاء من حبس على نعمه العميمة وشكره، ويوفي أجر من حرم ما حرمه وأعلن ذكره، وميسر أسباب الخيرات على من تصدق ولو بشق تمرة. نحمده على مبراته الغادية والرائحة. ونشكره على صدقاته السانحة والبارحة، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، المنعم الوهاب المانح من لبس أثواب القربات جزيل الثواب، ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الواقف على قدم لم تزل نحو العبادة ساعية سائرة، القائم بأمر الله في خلاص هذه الأمة من المهلكات في الآخرة، القائل: إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث، - وعد منها الصدقة الجارية المنجية من دركات الساهرة. (ص) وعلى آله المطهرين من الرجس تطهيرا. وعلى أصحابه الغر المحجلين وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فإن أولى ما ادخر العبد ليوم معاده، وقدمه بين يدي خالقه عند قيام أشهاده: الصدقة التي تنيل فاعلها ثوابا وأجرا، وتدفع عنه بلاء وتكشف عنه ضرا وتكون له على الصراط جوازا. وفي الطريق إلى دار الحقيقة مجازا، وتورده موارد الأتقياء الأخيار، وتطفئ خطيئته كما يطفئ الماء النار، وهي الذخيرة الباقية، والجنة الواقية، لا يخلق جديد ملابسها الجديدان، ولا يقصر جواد نفعها وإن طال الزمان.
ولما اتصل ذلك بفلان - أعز الله أنصاره، وضاعف بره وإيثاره، وأحسن مآبه وأجزل أجره وثوابه - بادر إلى تحصيل هذه المنقبة الغراء، ورغب في ازدياد أجوره عند الله في الأخرى. وسارع لاجتلاء حسان الجنان الاثيرة، وأقرض الله قرضا حسنا ليضاعفه له أضعافا كثيرة. وأشهد على نفسه النفيسة أنه وقف وحبس إلى آخره. وذلك جميع الشئ الفلاني - ويصفه ويحدده - والشئ الفلاني والشئ الفلاني - ويصف كل مكان على حدته ويحدده - ثم يقول: وقفا صحيحا شرعيا إلى آخره على الفقراء والمساكين وذوي الحاجات من سائر المسلمين المقيمين بالزاوية المعمورة المباركة المبرورة