ملكه، وقطعه من مالك، وصير صدقة بتة بتلة، محرمة مؤبدة، جارية في الوقف المذكور على الحكم المشروح أعلاه حالا ومآلا، وتعذرا وإمكانا. ورفع عند يد ملكه. ووضع عليه يد نظره وولايته.
وقد تم هذا الوقف ولزم ونفذ حكمه، وأبرم. واكتملت شروطه واستقرت أحكامه.
وصار وقفا من أوقاف المسلمين، محرما بحرمات الله تعالى الأكيدة، مدفوعا عنه بقوته الشديدة، لا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه إلى ربه صائر: أن ينقض هذا الوقف ولا يغيره، ولا يفسده ولا يعطله، ولا يسعى في إتلافه، ولا في إبطاله، ولا إبطال شئ منه، بأمر ولا فتوى ولا مشورة، ولا تدقيق حيلة، ولا وجه من وجوه الاتلاف. وهو يستعدي الله على من قصد وقفه هذا بفساد أو عناد، ويحاكمه لديه، ويخاصمه بين يديه، يوم فقره وفاقته، وذله ومسكنته ودهشته وحيرته، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة ولهم سوء الدار. فمن سعى في ذلك، أو تكلم فيه، أو أشار إليه، أو ساعد عليه، سود الله وجهه، وجعله من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا. وعليه لعنة الله ولعنة اللاعنين من الملائكة والناس أجمعين. ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، ولا يزكي له قولا ولا فعلا: * (فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم) * ومن أعان على إثباته وتقريره في جهاته، واستقراره في أيدي مستحقيه، برد الله مضجعه، ولقنه حجته. وجعله من الآمنين المطمئنين الفرحين المستبشرين، الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وقبل الواقف المشار إليه ماله قبوله من ذلك قبولا شرعيا. وأشهد على نفسه الكريمة بذلك، وهو بحال الصحة والسلامة والطواعية والاختيار، وجواز أمره شرعا.
ويؤرخ الكتاب.
وصورة وقف جامع أنشأه بعض الملوك. ووقفه، ووقف عليه:
الحمد لله المحسن القريب، السميع المجيب، الذي من عامله لا يخيب. وعد الله المتصدق أجرا عظيما، وأعد للمحسن جنة ونعيما. ولم يزل سبحانه بعباده برا رؤوفا رحيما، منعما متفضلا حليما كريما، وقدم لمن كفر الوعيد، ووعد من شكر بالمزيد.
وأعطى من صبر ما يريد، وبلغ من قصده مناه، وسلم من سلم لما قضاه، وأمن من لجأ إلى حماه، ونعم من تطهر بالصدقات، ورفعه إلى أعلى الدرجات. فليفعل العبد ما هو فاعل من المعروف، ليكون له عند الله ذخرا، ويمنحه من أجله ثوابا وأجرا. ويجزيه على