النساء والذرية: ففيه روايتان عن أبي حنيفة.
واختلفوا فيما إذا أذن للناس في الصلاة في أرضه، أو في الدفن فيها. فقال أبو حنيفة: أما الأرض فلا تصير مسجدا، وإن نطق بوقفها، حتى يصلي فيها. وأما المقبرة:
فلا تصير وقفا، وإن أذن فيه ونطق به ودفن فيها. وله الرجوع فيه في إحدى الروايتين عنه، ما لم يحكم به حاكم، أو يخرجه مخرج الوصايا. وقال الشافعي: لا يصير وقفا بذلك حتى ينطبق به. وقال مالك وأحمد: يصير وقفا بذلك وإن لم ينطق به.
واختلفوا فيما إذا وقف في مرض موته على بعض ورثته، أو قال: وقفت بعد موتي على ورثتي، ولم يخرج من الثلث. فقال أصحاب أبي حنيفة: إن أجازه سائر الورثة وإن لم يجيزوه، صح في مقدار الثلث بالنسبة إلى من يؤول إليه بعد الوارث، حتى لا يجوز بيعه. ولا ينفذ في حق الوارث، حتى تقسم الغلة بينهم على فرائض الله تعالى. فإن مات الموقوف عليه، فحينئذ ينتقل إلى من يؤول إليه. ويعتبر فيهم شرط الواقف. فيصير وقفا لازما. وقال مالك: الوقف في المرض على وارثه خاصة لا يصح. فإن أدخل معه فيه أجنبيا. صح في حق الأجنبي. وما يكون للوارث فإنه يشارك بقية الورثة فيه، ما داموا أحياء. وقال أحمد: يوقف منه مقدار الثلث. ويصح وقفه وينفذ، ولا يعتبر إجازة الورثة. وعنه رواية أخرى: أن صحة ذلك تقف على إجازة الورثة. وقال أصحاب الشافعي: لا يصح على الاطلاق، سواء كان يخرج من الثلث أو لا يخرج إلا أن يجيزه الورثة. فإن أجازوه نفذ على الاطلاق.
واختلفوا فيما إذا وقف على قوم، ولم يجعل آخره للفقراء والمساكين. فقال مالك وأحمد: يصح الوقف. وإذا انقرض القوم الموقوف عليهم يرجع إلى الفقراء والمساكين.
وعن الشافعي قولان. أحدهما: كقول مالك وأحمد. والثاني: الوقف باطل. وقال أبو حنيفة: لا يتم الوقف، حتى يكون آخره على جهة لا تنقطع.
واختلفوا فيما إذا وقف موضعا وقفا مطلقا، ولم يعين له وجها. فقال مالك وأحمد: يصح. ويصرف في وجوه البر والخير. وقال الشافعي: هو باطل في الأظهر من قوليه.
فائدة: ما ذكر في حصر المسجد ونظائره: هو فيما إذا كانت موقوفة على المسجد.
أما ما اشتراه الناظر، أو وهبه واهب وقبله الناظر: فيجوز بيعه عند الحاجة بلا خلاف.
وإذا خرب المسجد وخربت المحلة التي حوله، وتفرق الناس عنها، فللامام صرف نقضه إلى مسجد آخر، وصرفه إلى الأدنى فالأدنى أولى. وليس للامام صرف نقضه إلى