تنبيه: ما ذكره المصنف فيمن حج حجة الاسلام، فإن لم يحج حجة الاسلام فإنه يلزمه للنذر حج آخر كما لو نذر أن يصلي عليه وعليه صلاة الظهر فتلزمه صلاة أخرى، ويقدم حجة الاسلام على حجة النذر، ومحل انعقاد نذره ذلك أن ينوي غير كما قاله الماوردي الفرض، فإن نوى الفرض لم ينعقد كما لو نذر الصلاة المكتوبة أو صوم رمضان، وإن أطلق فكذلك إذ لا ينعقد نسك محتمل (فإن منعه مرض وجب القضاء) كما لو نذر صوم سنة معينة فأفطر فيها بعذر المرض، فإنه يقضي، والنسيان وخطأ الطريق والضلال فيه كالمرض.
تنبيه: محل القضاء إذا منعه المرض بعد الاحرام، فإن كان مريضا وقت خروج الناس ولم يتمكن من الخروج معهم أو لم يجد رفقة وكان الطريق مخوفا لا يتأتى للآحاد سلوكه فلا قضاء عليه، لأن المنذور حج في تلك السنة ولم يقدر عليه كما لا تستقر حجة الاسلام والحالة هذه. هذا ما في الروضة كأصلها في هذه المسألة، ونازع البلقيني في اشتراط كون ذلك بعد الاحرام وقال إنه مخالف لنص الام اه. ومحل وجوب القضاء على الأول إذا لم يحصل بالمرض غلبة على العقل، فإن غلب على عقله عند خروج القافلة ولم يرجع إليه عقله في وقت لو خرج فيه أدرك الحج لم يلزمه قضاء الحجة المنذورة كما قاله البلقيني كما لا تستقر حجة الاسلام والحالة هذه في ذمته كما نص عليه في الام بالنسبة لحجة الاسلام. (أو) منعه بعد الاحرام (عدو) أو سلطان وحده أو رب دين لا يقدر على وفائه حتى مضى إمكان الحج تلك السنة (فلا) قضاء عليه (في الأظهر) لمكان العذر، ويفارق المرض لاختصاصه بجواز التحلل به من غير شرط بخلاف المرض.
والثاني وهو من تخريج ابن سريج أنه يجب، لأن باب النذر أوسع من واجب الشرع، ولهذا لو نذر حجات كثيرة لزمته، ولا يجب بالشرع إلا حجة واحدة، أما إذا صده عدو أو سلطان صدا عاما بعد ما أحرم. قال الإمام: أو امتنع عليه الاحرام للصد فلا قضاء على المنصوص، وقد علم من هذا التقرير أن الفرق بين الصد العام والخاص إنما هو من حيث الخلاف لا من حيث الحكم، فإن هذا المحل تتوقف فيه الطلبة في كلام الشارح، فإنه ساق الكلامين ولم يقيد بعام ولا خاص فتنبه له.
تنبيه: لو نذر أن يحج عشر حجات مثلا ومات بعد سنة. وقد تمكن من حجة فيها قضيت من ماله وحدها.
والمعضوب يستنيب في العشر فقد يتمكن من الاستنابة فيها في سنة فيقضي العشر من ماله، فإن لم يف ماله بها لم يستقر إلا ما قدر عليه. (أو) نذر (صلاة أو صوما في وقت) معين لم ينه عن فعل ذلك فيه (فمنعه) من ذلك (مرض أو عدو وجب القضاء) لتعين الفعل في الوقت فإن قيل: هلا كان ذلك كالحج فلا يجب فيه القضاء كما مر فيه؟. أجيب بأن الواجب بالنذر كالواجب بالشرع، وقد تجب الصلاة والصوم مع العجز فلزما بالنذر، والحج لا يجب إلا عند الاستطاعة فكذا حكم النذر. فإن قيل: كيف يتصور المنع من الصوم والصلاة فإن الصوم لا سبيل فيه إلى المنع من النية فإنها بالقلب. وإن أكره على الفطر لم يفطر على الأصح والصلاة يمكن فعلها مع الاكراه بإمرار أفعالها على قلبه في الوقت المعين ويقضي لأن ذلك عذر نادر كما في الواجب بالشرع. أجيب عن الأول بأن ذلك يتصور بالأسير كما قاله في المجموع يأكل خوفا من القتل. وعن الثاني بأن يأتي بالصلاة على التلبس بها على غير طهارة أو نحوها. فإن قيل: قولهم إن الواجب بالنذر كالواجب بالشرع يشكل عليه أنه لو نذر صلاة في يوم بعينه فأغمي عليه لزمه القضاء وإن لم يلزمه قضاء صلوات ذلك اليوم. أجيب بأن هذا مستثنى كبقية المستثنيات، أما إذا نذر الصلاة في أوقات النهي في غير حرم مكة أو الصوم في يوم الشك فقد مر أن نذره لم ينعقد وإن صح فعل المنذور فيهما .
(أو) نذر (هديا) أي أن يهدي شيئا سماه من نعم أو غيرها كأن قال: لله علي أن أهدي شاة أو ثوبا إلى مكة أو الحرم (لزمه حمله إلى مكة) أو الحرم لأنه محل الهدي (و) لزمه (التصدق به على من بها) من الفقراء والمساكين من المسلمين غريبا كان أو مستوطنا فيمتنع بيعه وتفرقة ثمنه وينزل بعينه منزلة الأضحية والشاة في الزكاة وإن كان