قضية ذلك أن يخرج من بيته ماشيا، لأنه مدلول لفظه. والثاني يمشي من حيث يحرم كما مر.
تنبيه: كان الأولى أن يقول الحرام كما قدرته في كلامه وإلا فمطلق بيت الله لا يوجب شيئا كما مر. (وإذا أوجبنا المشي) على الناذر (فركب لعذر) وهو أن يناله به مشقة ظاهرة كما قالوه في العجز عن القيام في الصلاة قاله في المجموع (أجزأه) نسكه راكبا عن نذره ماشيا قطعا لما في الصحيحين: أنه (ص) رأى رجلا يهادي بين ابنيه فسأل عنه فقالوا نذر أن يحج ماشيا فقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب (وعليه دم في الأظهر) لتركه الواجب. والثاني لا دم عليه كما لو نذر الصلاة قائما فصلى قاعدا للعجز، وفرق الأول بأن الصلاة لا تجبر بالمال بخلاف الحج، واحترز بقوله: إذا أوجبنا المشي عما إذا لم نوجبه فإنه لا يجبر تركه بدم (أو) ركب (بلا عذر أجزأه) الحج راكبا (على المشهور) مع عصيانه، لأنه لم يترك إلا هيئة التزمها وتركها لا يمنع من الاحتساب فصار كترك الاحرام من الميقات. والثاني لا يجزئه، لأنه لم يأت بما التزم. وقوله (وعليه دم) يقتضي أنه لا خلاف فيه، وليس مرادا، بل إنما يلزمه على المشهور، فلو قدمه عليه عاد إليهما لأنه إذا أوجبناه مع العذر فبدونه أولى. والثاني لا دم عليه لما مر، والدم في المسألتين شاة تجزئ في الأضحية.
تنبيه: حيث أوجبنا المشي فحتى يفرغ من نسكه أو يفسده وفراغه من حجه بفراغه من التحللين، ولا يجب عليه أن يستمر حتى يرمي أو يبيت لأنهما خارجان من الحج خروج السلام الثاني من الصلاة. وما في التنبيه من توقفه على الرمي ضعيف، بل قال في المجموع إنه خطأ. قالا: والقياس أنه إذا كان يتردد في خلال أعمال النسك لغرض تجارة أو غيرها فله الركوب ولم يذكروه، ولو فاته الحج أو إن أفسده لزمه القضاء ماشيا، ولا يلزمه المشي في أعمال تحلل الفوات، ولا في النسك الفاسد، لأنه خرج بالفساد والفوات عن ما يجزئه عن نذره.
تنبيه: لو قال لله على رجلي الحج ماشيا لزمه إلا إن أراد إلزام رجليه خاصة وإن ألزم رقبته أو نفسه ذلك لزمه مطلقا لأنهما كنايتان عن الذات وإن قصد التزامهما، ولو نذر الحج حافيا لزمه الحج ولا يلزمه الحفاء، بل له أن يلبس النعلين في الاحرام ولا فدية عليه قطعا، لأنه ليس بقربة. قال في المهمات: وينبغي أن يلزمه الحفاء في الموضع الذي يستحب فيه، وهو عند دخول مكة: أي إذا أمن من تلويث نجاسة ولم يحصل مشقة، ويندب الحفاء أيضا في الطواف.
(ومن نذر حجا أو عمرة لزمه فعله بنفسه) إن كان قادرا (فإن كان معضوبا) وهو العاجز عن الحج بنفسه (استناب) غيره في ذلك ولو بأجرة أو جعل كما في حجة الاسلام.
تنبيه: قال المتولي في كتاب الحج إذا كان المعضوب بمكة أو دون مرحلتين منها لم تجز الاستنابة، لأن المشقة لا تكثر عليه وأقره المصنف هناك فليكن هنا كذلك. وفي فتاوى البغوي لو نذر المعضوب الحج بنفسه لم ينعقد. قال: بخلاف ما لو نذر الصحيح الحج بماله فإنه ينعقد، لأن المعضوب أيس من الحج بنفسه، والصحيح لم ييأس من الحج بماله. قال: فإن برئ المعضوب لزمه الحج، لأنه بان أنه غيره. مأيوس. (ويندب) للناذر (تعجيله في أول) سني (الامكان) مبادرة إلى براءة الذمة، فإن خشي العضب لو أخر لزمته المبادرة كما في حجة الاسلام (فإن تمكن) من التعجيل (فأخر فمات حج من ماله) لتقصيره، أما إذا مات قبل أن يتمكن فلا شئ عليه كحجة الاسلام، والعمرة في ذلك كالحج (وإن نذر الحج عامه وأمكنه) فعله فيه بأن كان على مسافة يمكنه منها الحج في ذلك العام (لزمه) فيه تفريعا على الصحيح في تعيين الزمان في العبادات، فلا يجوز تقديمها عليه كالصوم ولا تأخيرها عنه، فإن أخره وجب عليه القضاء في العام الثاني كما قاله الماوردي. واحترز بقوله: عامة عما إذا لم يقيده بعامه فيلزمه في أي عام شاة، وبقوله: وأمكنه عما إذا نذر حج السنة ولا زمان يسع الاتيان به، فإنه لا ينعقد نذره على الأصح لتعذر اللزوم.