مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٦٤
قضية ذلك أن يخرج من بيته ماشيا، لأنه مدلول لفظه. والثاني يمشي من حيث يحرم كما مر.
تنبيه: كان الأولى أن يقول الحرام كما قدرته في كلامه وإلا فمطلق بيت الله لا يوجب شيئا كما مر. (وإذا أوجبنا المشي) على الناذر (فركب لعذر) وهو أن يناله به مشقة ظاهرة كما قالوه في العجز عن القيام في الصلاة قاله في المجموع (أجزأه) نسكه راكبا عن نذره ماشيا قطعا لما في الصحيحين: أنه (ص) رأى رجلا يهادي بين ابنيه فسأل عنه فقالوا نذر أن يحج ماشيا فقال: إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب (وعليه دم في الأظهر) لتركه الواجب. والثاني لا دم عليه كما لو نذر الصلاة قائما فصلى قاعدا للعجز، وفرق الأول بأن الصلاة لا تجبر بالمال بخلاف الحج، واحترز بقوله: إذا أوجبنا المشي عما إذا لم نوجبه فإنه لا يجبر تركه بدم (أو) ركب (بلا عذر أجزأه) الحج راكبا (على المشهور) مع عصيانه، لأنه لم يترك إلا هيئة التزمها وتركها لا يمنع من الاحتساب فصار كترك الاحرام من الميقات. والثاني لا يجزئه، لأنه لم يأت بما التزم. وقوله (وعليه دم) يقتضي أنه لا خلاف فيه، وليس مرادا، بل إنما يلزمه على المشهور، فلو قدمه عليه عاد إليهما لأنه إذا أوجبناه مع العذر فبدونه أولى. والثاني لا دم عليه لما مر، والدم في المسألتين شاة تجزئ في الأضحية.
تنبيه: حيث أوجبنا المشي فحتى يفرغ من نسكه أو يفسده وفراغه من حجه بفراغه من التحللين، ولا يجب عليه أن يستمر حتى يرمي أو يبيت لأنهما خارجان من الحج خروج السلام الثاني من الصلاة. وما في التنبيه من توقفه على الرمي ضعيف، بل قال في المجموع إنه خطأ. قالا: والقياس أنه إذا كان يتردد في خلال أعمال النسك لغرض تجارة أو غيرها فله الركوب ولم يذكروه، ولو فاته الحج أو إن أفسده لزمه القضاء ماشيا، ولا يلزمه المشي في أعمال تحلل الفوات، ولا في النسك الفاسد، لأنه خرج بالفساد والفوات عن ما يجزئه عن نذره.
تنبيه: لو قال لله على رجلي الحج ماشيا لزمه إلا إن أراد إلزام رجليه خاصة وإن ألزم رقبته أو نفسه ذلك لزمه مطلقا لأنهما كنايتان عن الذات وإن قصد التزامهما، ولو نذر الحج حافيا لزمه الحج ولا يلزمه الحفاء، بل له أن يلبس النعلين في الاحرام ولا فدية عليه قطعا، لأنه ليس بقربة. قال في المهمات: وينبغي أن يلزمه الحفاء في الموضع الذي يستحب فيه، وهو عند دخول مكة: أي إذا أمن من تلويث نجاسة ولم يحصل مشقة، ويندب الحفاء أيضا في الطواف.
(ومن نذر حجا أو عمرة لزمه فعله بنفسه) إن كان قادرا (فإن كان معضوبا) وهو العاجز عن الحج بنفسه (استناب) غيره في ذلك ولو بأجرة أو جعل كما في حجة الاسلام.
تنبيه: قال المتولي في كتاب الحج إذا كان المعضوب بمكة أو دون مرحلتين منها لم تجز الاستنابة، لأن المشقة لا تكثر عليه وأقره المصنف هناك فليكن هنا كذلك. وفي فتاوى البغوي لو نذر المعضوب الحج بنفسه لم ينعقد. قال: بخلاف ما لو نذر الصحيح الحج بماله فإنه ينعقد، لأن المعضوب أيس من الحج بنفسه، والصحيح لم ييأس من الحج بماله. قال: فإن برئ المعضوب لزمه الحج، لأنه بان أنه غيره. مأيوس. (ويندب) للناذر (تعجيله في أول) سني (الامكان) مبادرة إلى براءة الذمة، فإن خشي العضب لو أخر لزمته المبادرة كما في حجة الاسلام (فإن تمكن) من التعجيل (فأخر فمات حج من ماله) لتقصيره، أما إذا مات قبل أن يتمكن فلا شئ عليه كحجة الاسلام، والعمرة في ذلك كالحج (وإن نذر الحج عامه وأمكنه) فعله فيه بأن كان على مسافة يمكنه منها الحج في ذلك العام (لزمه) فيه تفريعا على الصحيح في تعيين الزمان في العبادات، فلا يجوز تقديمها عليه كالصوم ولا تأخيرها عنه، فإن أخره وجب عليه القضاء في العام الثاني كما قاله الماوردي. واحترز بقوله: عامة عما إذا لم يقيده بعامه فيلزمه في أي عام شاة، وبقوله: وأمكنه عما إذا نذر حج السنة ولا زمان يسع الاتيان به، فإنه لا ينعقد نذره على الأصح لتعذر اللزوم.
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548