مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٨٢
فإن تبين الحال أو اصطلحا على شئ فواضح، وإلا قسم بينهما نصفين وسلم النصف الآخر لمن أثر جرحه فيخلص له ثلاثة أرباع الصيد، وللآخر ربعه كما نقله في أصل الروضة عن الإمام واقتضى كلام الغزالي ترجيحه وجرى عليه ابن المقري خلافا لما في أصل الروضة عن القفال من أنه لا وقف. ثم شرع في الحال الرابع بقوله: (وإن ذفف واحد) في غير مذبح (وأزمن آخر) مرتبا (وجهل السابق) منهما (حرم) الصيد على المذهب لاجتماع الحظر والإباحة، فإنه يحتمل سبق التذفيف فيحل، أو تأخره فلا يحل بعده إلا بقطع الحلقوم والمرئ، وفي قول من طريق ثان لا يحرم لاحتمال تأخر الأزمان. أما لو ذفف أحدهما في المذبح فإنه يحل قطعا ويكون بينهما كما استظهره في المطلب، لأن كلا من الجرحين مهلك لو انفرد، فإذا جهل السابق لم يكن أحدهما أولى به من الآخر، فإن ادعى كل منهما أنه المزمن له أولا فلكل تحليف صاحبه، فإن حلفا اقتسماه ولا شئ لأحدهما على الآخر، أو حلف أحدهما فقط فهو له، وله على الناكل أرش ما نقص بالذبح.
تنبيه: الاعتبار في الترتيب والمعية بالإصابة، لا بابتداء الرمي، كما أن الاعتبار في كونه مقدورا عليه أو غير مقدور عليه بحالة الإصابة، فلو رمى غير مقدور عليه فأصابه وهو مقدور عليه لم يحل إلا بإصابته في المذبح، وإن رماه وهو مقدور عليه وأصابه وهو غير مقدور عليه حل مطلقا.
خاتمة: لو أرسل كلبا وسهما فأزمنه الكلب ثم ذبحه السهم حل، وإن أزمنه السهم ثم قتله الكلب حرم، ولو أخبر فاسق أو كتابي أنه ذبح هذه الشاة مثلا حل أكلها لأنه من أهل الذبح، فإن كان في البلد مجوس ومسلمون وجهل ذابح الشاة هل هو مسلم أو مجوسي لم يحل أكلها للشك في الذبح المبيح، والأصل عدمه. نعم إن كان المسلمون أغلب كما في بلاد الاسلام فينبغي كما قال شيخنا أن تحل كنظيره فيما مر في باب الاجتهاد عن الشيخ أبي حامد وغيره فيما لو وجد قطعة لحم، أما إذا لم يكن فيه مجوس فتحل، وفي معنى المجوس كل من لا تحل ذبيحته.
كتاب الأضحية مشتقة من الضحوة، وسميت بأول زمان فعلها، وهو الضحى، وفيها لغات: ضم همزها وكسره وتشديد يائها وتخفيفها وجمعها أضاح، ويقال: ضحية بفتح ضادها وكسره ضحايا، ويقال أيضا: إضاحة بكسر همزها وضمها وجمعها أضحى بالتنوين كأرطاة وأرطا، فهذه ثمان لغات فيها. وهي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * (والبدن جعلناها لكم من شعائر الله) * الآية، فهي من أعلام دين الله، وقوله تعالى: * (فصل لربك وانحر) * على أشهر الأقوال، أن المراد بالصلاة صلاة العيد، وبالنحر الضحايا وخبر مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما والأملح قيل الأبيض الخالص، وقيل الذي بياضه أكثر من سواده، وقيل الذي تعلوه حمرة وقيل غير ذلك وخبر الترمذي والحاكم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي (ص) قال: ما عمل ابن آدم يوم النحر من عمل أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم، إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا وذكر الرافعي وابن الرفعة حديث: عظموا ضحاياكم فإنها على الصراط مطاياكم لكن قال ابن الصلاح: إنه غير ثابت. (هي) أي التضحية كما في الروضة والمحرر وغيرهما لا الأضحية كما يوهمه كلامه لأن الأضحية اسم لما يضحى به (سنة) مؤكدة في حقنا، أما في حقه صلى الله عليه وسلم فواجبة لحديث: أمرت
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548