مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٦
عليها، ويدل له قوله (فأبانوها قطعوا) كلهم أو تعمدوا كما في النفس. فإن قيل لو سرى رجلان نصابا واحدا لم يقطعا فهلا كان هنا كذلك أجيب بأن القطع حق الله تعالى، والحدود بالمساهلات أحق، بخلاف القصاص الذي هو حق آدمي. واحترز بقوله: وتحاملوا عليه دفعة عما لو تميز فعل بعضهم عن بعض، كأن قطع كل منهم من جانب والتقت الحديدتان. وبقوله: وأبانوها عما لو أبان كل منهم بعض الطرف أو تعاونوا على قطعه بمنشار جره بعضهم في الذهاب وبعضهم في العود فإنه لا قود على أحد في الأولى خلافا لصاحب التقريب، ولا في الثانية عند الجمهور لتعذر المماثلة لاشتمال المحل على أعصاب ملتفة وعروق ضاربة وساكنة مع اختلاف وضعها في الأعضاء، بل على كل منهم حكومة تليق بجنايته بحيث يبلغ مجموع الحكومات دية اليد كما بحثه الرافعي وتبعه المصنف (وشجاج) مجموع (الرأس والوجه) بكسر المعجمة جمع شجة بفتحها وهي جرح فيهما، أما في غيرهما فيسمى جرحا لا شجة (عشر) دليله استقراء كلام العرب. ثم بدأ بأول الشجاج بقوله (حارصة) بمهملات (وهي ما شق الجلد قليلا) كالخدش مأخوذ من قولهم:
حرص القصار الثوب إذا شقه بالدق. وتسمى أيضا: القاشرة بقاف وشين معجمة، والحرصة والحريصة (ودامية) بمثناة تحتية خفيفة، وهي التي (تدميه) بضم أوله: أي الشق من غير سيلان دم، فإن سال فدامعة بعين مهملة. وبهذا الاعتبار تكون الشجاج أحد عشر كما سيأتي (وباضعة) بموحدة ومعجمة مكسورة ثم عين مهملة، وهي التي (تقطع) أي تشق (اللحم) الذي بعد الجلد شقا خفيفا من البضع وهو القطع (ومتلاحمة) بمهملة، وهي التي (تغوص فيه) أي اللحم ولا تبلغ الجلدة التي بين اللحم والعظم. سميت بذلك تفاؤلا بما تؤول إليه من الالتحام وتسمى أيضا الملاحمة (وسمحاق) بسين مكسورة وحاء مهملتين، وهي التي (تبلغ الجلد التي بين اللحم والعظم) سميت بذلك لأن تلك الجلدة يقال لها سمحاق الرأس مأخوذة من سماحيق البطن وهي الشحم الرقيق وقد تسمى هذه الشحمة الملطاء والملطاة واللاطية (وموضحة) وهي التي (توضح) أي تكشف (العظم) بحيث يقرع بالمرود وإن لم يشاهد العظم من أجل الدم الذي يستره حتى لو غرز إبرة في رأسه ووصلت إلى العظم كان إيضاحا (وهاشمة) وهي التي (تهشمه) أي تكسره سواء أوضحته أم لا (ومنقلة) بكسر القاف المشددة أفصح من فتحها وتسمى أيضا المنقولة وهي التي (تنقله) بالتخفيف والتشديد من محل إلى آخر سواء أوضحته وهشمته أو لا (ومأمومة) بالهمز جمعها مآميم كمكاسير وتسمى أيضا آمة وهي التي (تبلغ خريطة الدماغ) المحيطة به وهي أم الرأس (ودامغة) بمعجمة وهي التي (تخرقها) أي خريطة الدماغ وتصل إليه وهي مذففة غالبا.
تنبيه: أفهم كلامه أن جميع هذه الشجاج تتصور في الوجه، وهو ظاهر في الجبهة، ويتصور ما عدا المأمومة والدامغة في خد وقصبة أنف ولحي أسفل وسائر البدن، وهذه العشرة هي المشهورة، وزاد أبو عبيد: الدامعة بالعين المهملة بعد الدال، ولذلك عدها الماوردي أحد عشر. (ويجب القصاص) من هذه العشرة (في الموضحة فقط) لتيسر ضبطها واستيفاء مثلها. وأما غيرها فلا يؤمن الزيادة والنقصان في طول الجراحة وعرضها ولا يوثق باستيفاء المثل، ولذلك لا يجب القصاص في كسر العظام (وقبل) يجب في الموضحة (وفيما قبلها) من الشجاع أيضا (سوى الحارصة) فلا يجب القصاص فيها جزما، وهي الدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق لامكان الوقوف على نسبة المقطوع في الجملة.
تنبيه: استثناء الحارصة مما زاده المصنف على المحرر. قال في الدقائق: ولا بد منه فإن الحارصة لا قصاص فيها قطعا وإنما الخلاف في غيرها اه‍. وفي الكفاية أن كلام جماعة يفهم خلافا فيها. وقال في المطلب: إن كلام الشافعي في المختصر
(٢٦)
مفاتيح البحث: القصاص (4)، الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548