لو حد بنية الشرب فظهر أنه حده للزنا جاز، لأنه لو أخطأ من يده اليمنى إلى اليسرى في السرقة أجزأ، وعلى هذا لو أن الإمام جلد رجلا مائة ظلما فبان أن عليه حد الزنا سقط عنه: كما لو قتل رجلا فبان أنه قاتل أبيه اه.
والأشبه كما قال الأذرعي ما قاله القاضي في صور جلده ظلما. وأما ما قبلها فالاجزاء فيه ظاهر، لأنه قصد الحد، فلا عبرة بظنه أنه عن الشرب.
فرع: لو زنى الإمام الأعظم لم ينعزل، ويقيم عليه الحد من ولى الحكم عنه كما قاله القفال (ويستحب) عند استيفاء الحد سواء أثبت بالبينة أم بالاقرار (حضور الإمام، و) حضور (شهوده) أي الزنا إن ثبت بهم للخروج من خلاف أبي حنيفة، فإنه قال بوجوب حضورهم لنا أنه صلى الله عليه وسلم رجم الغامدية وماعزا ولم يحضرهما وقال لأنيس: فإن اعترفت فارجمها، ولم يقل فأعلمني حتى أحضر، ولا قال له أحضر معك جمعا، وقياسا على الجلد، ويسن حضور جمع من الرجال المسلمين الأحرار لقوله تعالى * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) *. قال الشافعي رضي الله عنه: وأقلهما أربعة عدد شهود الزنا، والسنة أن يبدأ الإمام بالرجم، ثم الناس إن ثبت بالاقرار، وإن ثبت بالبينة بدأ به الشهود ثم الإمام ثم الناس.
قال الماوردي: وتعرض عليه التوبة قبل رجمه لتكون خاتمة أمره، فإن حضر وقت صلاة أمر بها، وإن تطوع مكن من ركعتين، وإن استسقى ماء سقي، وإن استطعم لم يطعم، لأن الشرب لعطش سابق والاكل لشبع مستقبل (ويحد الرقيق سيده) بنفسه أو نائبه إذا كان عالما بقدر الحد وكيفيته وإن لم يأذن له الإمام لخبر أبي داود: أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم، وفي خبر الصحيحين: إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يثرب عليها بالمثلثة: أي لا يوبخها ولا يعيرها، وقيل: لا يبالغ في جلدها حتى يدميها، ويسن للسيد أن يبيع الأمة إذا زنت ثالثة لخبر ورد بذلك، ويجب عليه أن يبين ذلك لمشتريها.
تنبيه: لو كان السيد امرأة هل تقيمه هي أو وليها أو السلطان؟ فيه أوجه. أصحها أولها كما شمله إطلاق المصنف، ويستثنى من إطلاقه السفيه فلا يقيم الحد على رقيقه كما قاله الزركشي لخروجه عن أهلية الاستصلاح والولاية وشمل إطلاقه الحد حد الزنا وباقي الحدود حتى القطع وقتل الردة والمحاربة، وهو الأصح لاطلاق الخبر السابق، ولو كان الرقيق مشتركا حده ملاكه بتوزيع السياط على الملك، ويفوض المنكسر إلى أحدهم أو غيرهم، وفي جواز إقامة الولي من أب وجد وحاكم ووصي وقيم في رقيق المولى عليه من طفل وسفيه ومجنون وجهان قال في أصل الروضة:
ويشبه أن يقال إن قلنا الحد إصلاح فله إقامته، أو ولاية ففيه الخلاف، وقضيته ترجيح الجواز. قال ابن عبد السلام في قواعده: وإنما يقيم السيد الحد على عبده إذا لم يكن بينهما عداوة ظاهرة. قال الزركشي: ويشكل بما إذا كان المقذوف السيد فإنهم أجازوا له استيفاءه (أو) يحده (الإمام) لعموم ولايته فأيهما فعل وقع الموقع، ولكن السيد أولى كما صححه في زيادة الروضة لثبوت الحديث فيه، ولأنه أستر.
تنبيه: العبرة بكونه سيدا حال إقامة الحد، فإذا زنى الرقيق فباعه سيده كان إقامة الحد لمشتريه (فإن تنازعا) أي الإمام والسيد في حد الرقيق (فالأصح) من احتمالات للإمام يحده (الإمام) الأعظم أو نائبه لعموم ولايته. والثاني السيد لغرض إصلاح ملكه. والثالث إن كان جلدا فالسيد، أو قطعا أو قتلا فالإمام.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو زنى ذمي ثم نقض العهد ثم استرق فإن الحد إنما يقيمه عليه الإمام، لأنه لم يكن مملوكا يومئذ. فإن قيل: قد مر أن الرقيق لو زنى ثم باعه سيده كان للمشتري إقامة الحد عليه ولم يكن مملوكا له حال الزنا فالعبر بحالة الاستيفاء. أجيب بأن استيفاء الحد هنا يثبت للإمام أولا، واسترقاقه بعد ثبوته لا يمنع استيفاءه، لأنه لم يثبت لسيده ابتداء، وأما فيما مر فثبت للسيد، وهو للاستصلاح، ولا وجه لإقامة البائع الحد عليه لخروجه عن ملكه فصار الاستيفاء مترددا بين الإمام والمشتري (و) الأصح (أن السيد يغربه) كما يجلده لاندراجه في خبر