هنا عن المعتبرين أن الاكراه لا يحصل إلا بالتخويف بالقتل أو بما يخاف منه التلف كالقطع والضرب الشديد، وقيل يحصل بما يحصل به الاكراه على الطلاق اه. والأول هو الظاهر. ولو قال: اقتل هذا وإلا قتلت ولدك، قال في أصل الروضة في كتاب الطلاق: إنه ليس بإكراه على الأصح، ولكن قال الروياني: الصحيح عندي أنه إكراه، وهذا هو الظاهر لأن ولده كنفسه في الغالب. الثالث: لا يجوز للمكره الاقدام على القتل المحرم لذاته وإن لم نوجب عليه القصاص بل يأثم إذا قتل، وكذا لا يباح الزنا بالاكراه، ويباح به شرب الخمر والقذف والافطار في رمضان على القول بإبطال الصوم به، والخروج من صلاة الفرض، وإتلاف مال الغير وصيد الحرم. ويضمن كل من المكره والمكره والمال والصيد والقرار على المكره - بكسر الراء - لتعديه، وليس لمالك المال دفع المكره عن ماله بل يجب عليه إن بقي روحه بماله، ويجب على المكره أيضا إن بقي روحه بإتلافه كما قاله الغزالي في وسيطه ونقل ابن الرفعة الاتفاق عليه وللاتيان بما هو كفر قولا أو فعلا مع طمأنينة القلب بالايمان. وعلى هذا الأفضل أن يثبت، ولا يأتي بلفظة الكفر، وقيل: يأتي به صيانة لنفسه، وقيل: إن كان من العلماء المقتدى بهم فالأفضل الثبوت وإلا فلا. ويستثنى من إطلاق المصنف ما إذا كان المكره - بفتح الراء - أعجميا يرى طاعة كل أحد فإنه لو أمره بقتل كان القصاص على الآمر فقط. الرابع: قيد البغوي وجوب القصاص على المكره - بالفتح - بما إذا لم يظن أن الاكراه يبيح الاقدام، فإن ظن ذلك فلا قود عليه جزما. وهو ظاهر إن كان ممن يخفى عليه تحريم ذلك، إذ القصاص يسقط بالشبهة. (فإن وجبت الدية) في صورة الاكراه كأن عفا عن القصاص عليها، (وزعت) عليهما بالسوية كالشريكين في القتل، وللولي أن يقتص من أحدهما ويأخذ نصف الدية من الآخر. وهذا إذا كافأه، (فإن كافأه) بهمزة أي ساوى المقتول (أحدهما فقط) كأن كان المقتول ذميا أو عبدا وأحدهما كذلك والآخر مسلم أو حر، (فالقصاص عليه) أي المكافئ دون الآخر، بل عليه نصف الضمان لأنهما كالشريكين، وشريك غير المكافئ يقتص منه كشريك الأب. (ولو أكره بالغ) عاقل كما في المحرر (مراهقا) أو عكسه على قتل شخص فقتله، (فعلى البالغ القصاص) لوجود مقتضيه وهو القتل المحض العدوان، هذا (إن قلنا عمد الصبي عمد، وهو الأظهر) فإن قلنا خطأ فلا قصاص لأنه شريك مخطئ، ولا قصاص على الصبي بحال لعدم تكليفه.
تنبيه: محل الخلاف في عمد الصبي والمجنون هل هو عمد أو خطأ إذا كان لهما نوع تمييز وإلا فخطأ قطعا كما نقلاه عن القفال وغيره في الكلام على شريك المخطئ وأشار المصنف إلى ذلك بالتمثيل بالمراهق. (ولو أكره) بفتح الهمزة بخطه، مكلفا (على رمي شاخص علم المكره) بكسر الراء (أنه رجل وظنه المكره) بفتحها (صيدا) أو حجرا أو نحو ذلك فرماه فقتله، (فالأصح وجوب القصاص على المكره) بكسر الراء لأنه قتله قاصدا للقتل بما يقتل غالبا دون المكره - بفتحها - فإنه جاهل بالحال فكان كالآلة للمكره. والثاني: لا قصاص على المكره أيضا لأنه شريك مخطئ.
تنبيه: هل يجب على من ظن الصيد نصف دية مخففة على عاقلته أو لا؟ وجهان، رجع ابن المقري الثاني.
ويؤخذ من كلام الأنوار ترجيح الأول، وهو كما قال شيخنا الأوجه. (أو) أكرهه (على رمي صيد فأصاب) آدميا (رجلا) أو غيره فمات، (فلا قصاص على أحد) منهما لأنهما لم يتعمداه، ويجب على عاقلة كل منهما نصف الدية.
(أو) أكرهه (على صعود شجرة) أو على نزول بئر، (فزلق فمات فشبه عمد) لأنه لا يقصد به القتل غالبا. وقضية هذا وجوب الدية على عاقلة المكره - بكسر الراء - وهو ما جزم به في التهذيب، وهو الظاهر. قال الزركشي: لكن حكى