أبو داود وغيره، وهو (ص) لا يرث لنفسه شيئا، وإنما يصرف ذلك في مصالح المسلمين لأنهم يعقلون عن الميت كالعصبة من القرابة فيضع الإمام تركته أو باقيها في بيت المال أو يخص منها من يشاء.
تنبيه: أفهم كلام المصنف كغيره استواء جميع المسلمين في استحقاق هذا الإرث أهل البلد وغيرهم ومن كان موجودا عند الموت أو حدث بعده أو أسلم بعده أو عتق بعده، وهو كذلك وإن خصه ابن الرفعة ببلد الميت، ولكن لا يعطي مكاتبا ولا قاتلا ولا من فيه رق لا كافرا لأنهم ليسوا وارثين. ولو أوصى لرجل بشئ من التركة أعطيه وجاز أن يعطى منها أيضا بالإرث فيجمع بين الإرث والوصية، بخلاف الوارث المعين لا يعطى من الوصية شيئا بلا إجازة. أما الذمي إذا مات لا عن وارث أو وارث غير مستغرق فإن تركته أو باقيها تنتقل لبيت المال فيئا.
فائدة: قال بعضهم: يمكن اجتماع الأسباب الأربعة في الإمام، كأن يملك بنت عمه ثم يعتقها ثم يتزوج بها ثم تموت ولا وارث لها غيره فهو زوجها وابن عمها ومعتقها وإمام المسلمين. فإن قيل: لا مدخل للولاء وبيت المال مع وجود العاصب من النسب أجيب بأنها تصورت فيه ولو لم يرث بها كلها. فإن قيل: الإمام ليس بيت المال. أجيب بأنه قد تقدم أن الوارث جهة الاسلام وهي حاصلة فيه. وأما شروط الإرث فهي أربعة أيضا: أولها تحقق موت المورث أو إلحاقه بالموتى تقديرا، كجنين انفصل ميتا في حياة أمه أو بعد موتها بجناية على أمه موجبة للغرة فتقدر أن الجنين عرض له الموت لتورث عنه الغرة، أو إلحاق المورث بالموتى حكما كما في حكم القاضي بموت المفقود اجتهادا. وثانيها: تحقق حياة الوارث بعد موت مورثه ولو بلحظة. وثالثها: معرفة إدلائه للميت بقرابة أو نكاح أو ولاء. ورابعها: الجهة المقتضية للإرث تفصيلا، وهذا يختص بالقاضي فلا تقبل شهادة الإرث مطلقة كقول الشاهد للقاضي هذا وارث هذا بل لا بد في شهادته من بيان الجهة التي اقتضت إرثه منه، ولا يكفي أيضا قول الشاهد: هذا ابن عمه بل لا بد من العلم بالقرب والدرجة التي اجتمعا فيها. وأما موانع الإرث فستأتي في كلامه. (والمجمع على إرثهم من الرجال) أي الذكور، ولو عبر بهم كان أولى لكن المراد الجنس، وكذا في النساء فيشمل غير البالغين من الذكور والإناث (عشرة) بالاختصار وخمسة عشرة بالبسط، وهم: (الابن وابنه) وهذا يغني عنه قوله: (وإن سفل) إلا أن يكون قصده التنبيه على إخراج ابن البنت. (والأب وأبوه وإن علا والأخ) لأبوين ولأب ولأم، (وابنه) أي الأخ. وقوله: (إلا من الأم) استثناء من ابنه فقط: أي ابن الأخ لأبوين أو لأب. أما ابنه لأم فمن ذوي الأرحام كما سيأتي. (والعم) لأبوين أو لأب، ويدخل في ذلك عم الأب وعم الجد وإن علا، ويدخل في ابنه الآتي ابناهما. (إلا) العم (للأم) فمن ذوي الأرحام. (وكذا ابنه) أي العم لأبوين ولأب، (والزوج المعتق) والمراد به من صدر منه الاعتاق أو ورث به فلا يرد على الحصر في العشرة عصبة المعتق ومعتق المعتق. (و) المجمع على إرثهن (من النساء سبع) بالاختصار وعشرة بالبسط. وهن: (البنت وبنت الابن وإن سفل) أي الابن، ووقع في بعض نسخ المحرر: وإن سفلت، وليس بجيد لدخول بنت بنت الابن وليست بوارثة، لكن يلزم على عبارة المصنف عود الضمير على المضاف إليه والمتعارف عوده للمضاف. (والأم والجدة) من قبل الأم والأب وإن علت، (والأخت) من جهاتها الثلاث، (والزوجة والمعتقة) وهي من صدر منها العتق أو ورثت به كما مر.
تنبيه: الأفصح أن يقال في المرأة زوج والزوجة لغة مرجوحة. قال المصنف: واستعمالها في باب الفرائض متعين ليحصل الفرق بين الزوجين اه. والشافعي رضي الله تعالى عنه يستعمل في عبارته المرأة، وهو حسن. (فلو اجتمع كل الرجال) فقط ولا يكون إلا والميت أنثى، (ورث) منهم ثلاثة (الأب والابن والزوج فقط) لأنهم لا يحجبون ومن بقي محجوب بالاجماع، فابن الابن بالابن والجد بالأب والباقي محجوب بكل منهما أو بالابن، وتصح مسألتهم من اثني عشر لأن فيها ربعا وسدسا: للزوج الربع، وللأب السدس، وللابن الباقي.