عما لو أراد كل منهما السفر لحاجة واختلف طريقهما ومقصدهما، وللرافعي فيه احتمالان: أحدهما يدام حق الام، والثاني: أن يكون مع الذي مقصده أقرب أو مدة سفره أقصر. قال المصنف: والمختار الأول، وهو مقتضى كلام الأصحاب انتهى. وينبغي أن يأتي فيه البحث المتقدم. (أو) أراد أحدهما (سفر نقلة فالأب أولى) من الام بالحضانة، سواء انتقل الأب أم الام أو كل واحد إلى بلد حفظا للنسب فإنه يحفظه الآباء، أو رعاية لمصلحة التأديب والتعليم وسهولة الانفاق.
تنبيه: لو رافقته الام في سفره دام حقها، ولو عاد من سفر النقلة إلى بلدها عاد حقها، وإنما ينقل الأب ولده المميز إلى غير بلد الام (بشرط أمن طريقه، و) أمن (البلد المقصود) له وإلا فيقر عند أمه. وليس له أن يخرجه إلى دار الحرب كما صرح به المروزي، وقال الأذرعي: أنه ظاهر، وإن كان وقت أمن، وألحق به ابن الرفعة بخوف الطريق السفر في الحرب والبرد الشديدين قال الأذرعي: وهو ظاهر إذا كان يتضرر به الولد، ما إذا حمله فيما يقيه ذلك فلا.
وشرط المتولي في البلد المنتقل إليه أن يكون صالحا للإقامة وهل يجوز له أن يسافر به في البحر أو لا؟ تقدم الكلام على ذلك في باب الحجر. (قيل: و) يشترط (مسافة قصر) بين البلد المنقول عنده وإليه، لأن الانتقال لما دونها كالإقامة في محلة أخرى من البلد المتسع لامكان مراعاة الولد. والأصح لا فرق.
تنبيه: لو اختلفا فقال: أريد الانتقال وقالت: بل أردت التجارة صدق بيمينه، فإن نكل حلفت وأمسكت الولد.
(ومحارم العصبة) كجد وأخ وعم (في هذا) المذكور في سفر النقلة (كالأب) فيكون أولى من الام احتياطا للنسب أما محرم لا عصوبة له كأبي الام والخال للام، فليس له النقل لأنه لا حق له في النسب.
تنبيه: للأب نقله عن الام كما مر، وإن أقام الجد ببلدها وللجد ذلك عند عدم الأب، وإن أقام الأخ ببلدها لا الأخ مع إقامة العم أو ابن الأخ فليس له ذلك، بخلاف الأب والجد لأنهما أصل في النسب فلا يعتني به غيرهما كاعتنائهما. والحواشي متقاربون، فالمقيم منهم يعتني بحفظه، هذا ما حكاه في الروضة وأصلها عن المتولي وأقراه. وعليه فيستثنى ذلك من قول المصنف: ومحارم العصبة إلى آخره، ولكن البلقيني جرى على ظاهر المتن وقال: ما قاله المتولي من مفرداته التي هي غير معمول بها. (وكذا ابن عم) كالأب في انتزاعه (لذكر) مميز من أمه عند انتقاله لما مر.
(ولا يعطى أنثى) تشتهى حذرا من الخلوة بها لانتفاء المحرمية بينهما. (فإن رافقته بنته) أو نحوهما كأخته الثقة، (سلم) الولد الأنثى (إليها) لا له إن لم تكن في رحله كما لو كان في الحضر، أما لو كانت بنته أو نحوها في رحله فإنها تسلم إليه وبذلك تؤمن الخلوة، وقد مر أن بهذا جمع بين كلامي الروضة والكتاب. وإن لم تبلغ حد الشهوة أعطيت له، وإن نازع في ذلك الأذرعي.
تنبيه: لو قال: سلمت لاستغنى عما قدرته وكان أولى، فإن الضمير عائد على الأنثى، وإنما يثبت حق النقلة للأب أو غيره إذا اجتمع فيه الشروط المعتبرة في الحضانة.
تتمة: ما مر إذا لم يبلغ المحضون، فإن بلغ فإن كان غلاما وبلغ رشيدا ولي أمر نفسه لاستغنائه عمن يكفله فلا يجبر على الإقامة عند أحد أبويه، والأولى أن لا يفارقهما ليبرهما، قال الماوردي: وعند الأب أولى للمجانسة. نعم إن كان أمرد أو خيف من انفراده ففي العدة عن الأصحاب أنه يمنع من مفارقة الأبوين. ولو بلغ عاقلا غير رشيد فأطلق مطلقون أنه كالصبي، وقال ابن كج: إن كان لعدم إصلاح ما له فكذلك، وإن كان لدينه فقيل: تدام حضانته إلى ارتفاع الحجر، والمذهب أنه يسكن حيث شاء. قال الرافعي: وهذا التفصيل حسن اه. وإن كان أنثى فإن بلغت رشيدة، فالأولى أن تكون عند أحدهما حتى تتزوج إن كانا مفترقين، وبينهما إن كانا مجتمعين، لأنه أبعد عن التهمة، ولها أن تسكن حيث شاءت ولو بأجرة هذا إذا لم تكن ريبة، فإن كانت فللام إسكانها معها، وكذا للولي من العصبة إسكانها معه إذا كان محرما لها، وإلا ففي موضع لائق بها يسكنها ويلاحظها دفعا لعار النسب، كما يمنعها نكاح غير الكفء ويجبر