تنبيه: لو كثر أهل درجة بحيث لا يسد قسط كل منهم إن وزع الموجود عليهم مسدا أقرع بينهم.
فروع: لو اجتمع جدتان في درجة وزادت إحداهما على الأخرى بولادة أخرى قدمت، فإن قربت الأخرى دونها قدمت لقربها. ولو عجز الأب عن نفقة أحد ولديه وله أب موسر لزمت أباه نفقته، فإن رضي كل منهما بأخذ ولد لينفق عليه أو انفقا على الاتفاق بالشركة فذاك ظاهر، وإن تنازعا أجيب طالب الاشتراك، وقال البلقيني: يقرع بينهما.
ولو عجز الولد عن نفقة أحد والديه وله ابن موسر فعلى الابن نفقة أبي أبيه لاختصاص الام بالابن، لما مر من أن الأصح تقديم الام على الأب. ولو أعسر الأقرب بالنفقة لزمت الابعد، ولا رجوع له عليه بما أنفق إذا أيسر به.
فصل: في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون: (الحضانة) بفتح الحاء لغة: مأخوذة من الحضن بكسرها، وهو الجنب، فإن المحضنة ترد إليه المحضون وتنتهي في الصغير بالتمييز، وأما بعده إلى البلوغ فتسمى كفالة، قاله الماوردي، وقال غيره: تسمى حضانة أيضا وشرعا. (حفظ من لا يستقل) بأمور نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه كطفل وكبير مجنون، (وتربيته) أي تنمية المحضون بما يصلحه بتعهده بطعامه وشرابه ونحو ذلك، وقد مر في باب الإجارة من الكتابة تفسير الحضانة بما هو أعم من ذلك. ومؤنة الحضانة في مال المحضون، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته لأنها من أسباب الكفاية كالنفقة، ولهذا ذكرت عقب النفقات. (و) الحضانة نوع ولاية وسلطنة، لكن (الإناث أليق بها) لأنهن أشفق وأهدى إلى التربية وأصبر على القيام بها وأشد ملازمة للأطفال. واعلم أن مستحق الحضانة ثلاثة أقسام لأنهم إما إناث فقط، وإما ذكور فقط، وإما الفريقان، وقد بدأ بالقسم الأول، فقال: (وأولاهن) أي الإناث عند اجتماعهن وتنازعهن في طلبها، (أم) لوفور شفقتها، وفي الخبر: أن امرأة قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وحجري له حواء، وثديي له سقاء، وإن أباه طلقني وزعم أنه ينزعه مني فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي رواه البيهقي والحاكم وصحح إسناده.
تنبيه: محل تقديم الام ما لم يكن للمحضون زوج ذكرا كان أو أنثى، وإلا فيقدم إن كان له بها أو لها به استمتاع. والمراد باستمتاعه بها جماعة، فلا بد أن تطيقه وإلا فلا تسلم إليه كما مر في الصداق، وصرح به ابن الصلاح هنا في فتاويه، وحينئذ فتستثنى هذه الصورة أيضا، وله نزعه من أبيه وأمه الحرين بعد التمييز وتسليمه إلى غيرهما بناء على جواز التفريق حينئذ، ومن بعضه حر يشترك سيده وقريبه المستحق لحضانته في حضانته بحسب ما فيه من الرق والحرية، فإن اتفقا على المهايأة أو على استئجار حاضنة أو رضي أحدهما بالآخر فذاك، وإن تمانعا استأجر الحاكم من تحضنه وألزمهما الأجرة. (ثم) بعد الام (أمهات) لها (يدلين بإناث) وارثات لمشاركتهن الام في الإرث والولادة، (يقدم) منهن (أقربهن) فأقربهن لوفور الشفقة. (والجديد تقدم بعدهن) أي أمهات الام (أم أب) لمشاركتها أم الام في المعنى السابق. وإنما قدمت أمهات الام وإن علون لأن الولادة فيهن محققة، وفي أمهات الأب مظنونة، ولأنهن أقوى ميراثا من أمهاته فإنهن لا يسقطن بالأب بخلاف أمهاته، (ثم أمهاتها المدليات بإناث) وارثات لما مر. (ثم أم أبي أب كذلك) ثم أمهاتها المدليات وارثات. (ثم أم أبي جد كذلك) ثم أمهاتها المدليات بإناث وارثات وهكذا، لأن لهن ولادة ووراثة كالأم وأمهاتها. وتقدم في كل من الأمهات المذكورة القربى فالقربى.
(والقديم) يقدم (الأخوات والخالات عليهن) أي المذكورات من أمهات الأب والجد. أما الأخوات فلأنهن اجتمعن معه في الصلب والبطن أوفي أحدهما وشاركته في النسب فهن عليه أشفق، وأما الخالات فلقوله (ص) : الخالة بمنزلة الام رواه البخاري. وأجاب الأول بأن النظر هنا إلى الشفقة وهي في الجدات أغلب.