مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ٥٣١
حاجة الثاني فهو أولى.
تنبيه: يؤخذ من كلامه أنه لا يجوز له أكل شئ منه، وبه صرح الرافعي في كتاب الأضحية، وأنه لا فرق بين أن يفرق المذبوح عليهم أو يعطيه بجملته لهم، وبه صرح الرافعي أيضا في الكلام على تحريم الصيد. ويكفي دفعه إلى ثلاثة من الفقراء أو المساكين سواء انحصروا أم لا، لأن الثلاثة أقل الجمع، فلو دفع إلى اثنين مع قدرته على ثالث ضمن له أقل متمول كنظيره من الزكاة. فإن قيل: ينبغي أن يجب استيعابهم إذا انحصروا كما في الزكاة. أجيب بأن المقصود هنا حرمة البلد وهناك سد الخلة، وتجب النية عند التفرقة كما قاله الروياني وغيره أو متقدمة عليها كما في الزكاة. وظاهر كلامه أن هذا الحكم كله في الدم الواجب بفعل حرام أو ترك واجب، وليس مرادا بل دم التمتع والقران كذلك. وأما دم الاحصار فسيأتي. ودفع الطعام لمساكين الحرم لا يتعين لكل منهم مد في دم التمتع ونحوه مما ليس دمه دم تخيير وتقدير.
أما دم الاستمتاعات ونحوها مما دمه دم تخيير وتقدير، فلكل واحد من ستة مساكين نصف صاع من ثلاثة آصع كما مر.
ولو ذبح الدم الواجب بالحرم فسرق منه أو غصب قبل التفرقة لم يجزه. ثم هو مخير بين أن يذبح آخر وهو أولى أو يشتري بدله لحما ويتصدق به لأن الذبح قد وجد. فإن قيل: ينبغي تقييد ذلك بما إذا قصر في تأخير التفرقة، والا فلا يضمن كما لو سرق المال المتعلق به الزكاة. أجيب بان الدم متعلق بالذمة والزكاة بعين المال، ولو عدم المساكين في الحرم أخر الواجب المالي حتى يجدهم، ولا يجوز النقل. فإن قيل: ينبغي أن يجوز النقل كالزكاة. أجيب بأنها ليس فيها نص صريح بتخصيص البلد بها بخلاف هذا. (وأفضل بقعة) من الحرم (لذبح المعتمر) الذي ليس متمتعا ولا قارنا ولو مفردا (المروة) لأنها موضع تحلله، (ول‍) - ذبح (الحاج) ولو قارنا أو مريدا إفرادا أو متمتعا ولو عن دم تمتعه، (منى) لأنها محل تحلله. والأحسن كما قاله بعض شراح الكتاب في بقعة ضبطها بفتح القاف وكسر العين على لفظ الجمع المضاف لضمير الحرم. (وكذا حكم ما ساقاه) أي المعتمر والحاج (من هدي) نذر أو نفل، (مكانا) في الاختصاص والأفضلية. (ووقته) أي ذبح هذا الهدي (وقت الأضحية على الصحيح، والله أعلم) قياسا عليها، والثاني: لا يختص بوقت كدماء الجبرانات. وعلى الأول لو أخر الذبح حتى مضت أيام التشريق نظر إن كان واجبا وجب ذبحه قضاء، وإن كان تطوعا فقد فات، هذا إذا لم يعين غير هذه الأيام، فإن عين لهدي التقرب غير وقت الأضحية لم يتعين له وقت لأنه ليس في تعيين اليوم قربة، نقله الأسنوي عن المتولي وغيره. والهدي كما يطلق على ما يسوقه المحرم يطلق أيضا على ما يلزمه من دم الجبرانات، وهذا الثاني لا يختص بوقت الأضحية كما سبق. وظاهر كلام المصنف كالروضة أن ما يسوقه المعتمر يختص أيضا بوقت الأضحية على الصحيح، وهو كذلك وإن نازع فيه الأسنوي.
خاتمة: حيث أطلق في المناسك الدم، فالمراد به كدم الأضحية فتجزئ البدنة أو البقرة عن سبعة دماء وإن اختلفت أسبابها، فلو ذبحها عن دم وجب فالفرض سبعها فله إخراجه عنه وأكل الباقي إلا في جزاء الصيد المثلي لها فلا يشترط كونه كالأضحية، فيجب في الصغير صغير، وفي الكبير كبير، وفي المعيب معيب، كما مر، بل لا يجزئ البدنة عن شاته.
وحاصل الدماء ترجع باعتبار حكمها إلى أربعة أقسام: دم ترتيب وتقدير، ودم ترتيب وتعديل، ودم تخيير وتقدير، ودم تخيير وتعديل. القسم الأول يشتمل على دم التمتع والقران والفوات والمنوط بترك مأمور وهو ترك الاحرام من الميقات والرمي والمبيت بمزدلفة ومنى وطواف الوداع، فهذه الدماء دماء ترتيب بمعنى أنه يلزمه الذبح ولا يجوز العدول إلى غيره إلا إذا عجز عنه، وتقدير بمعنى أن الشرع قدر ما يعدل إليه بما لا يزيد ولا ينقص. والقسم الثاني: يشتمل على دم الجماع، فهو دم ترتيب وتعديل بمعنى أن الشرع أمر فيه بالتقويم والعدول إلى غيره بحسب القيمة، فيجب فيه بدنة ثم بقرة ثم سبع شياه، فإن عجز قوم البدنة بدراهم والدراهم طعاما وتصدق به، فإن عجز صام عن كل مد يوما، ويكمل المنكسر كما مر، وعلى دم الاحصار فعليه شاة ثم طعام بالتعديل، فإن عجز عن الطعام صام عن كل مد يوما،
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532