وعلى هذا فيحل للزوج أن يستمتع بها قبل غسلها كالجنب. وقول المصنف في باب الصيام إنه يبطل صومها بالولد الجاف، محله ما إذا رأت الدم قبل خمسة عشر يوما.
فائدة: أبدى أبو سهل معنى لطيفا في كون أكثر النفاس ستين: أن المني يمكث في الرحم أربعين يوما لا يتغير، ثم يمكث مثلها علقة، ثم مثلها مضغة، ثم ينفخ فيه الروح كما جاء في الحديث الصحيح، والولد يتغذى بدم الحيض، وحينئذ فلا يجتمع الدم من حين النفخ لكونه غذاء الولد، وإنما يجتمع في المدة التي قبلها وهي أربعة أشهر، وأكثر الحيض خمسة عشر يوما، فيكون أكثر النفاس ستين. وقال بعض العلماء: أكثره سبعون. وقال أبو حنيفة:
أربعون، ولعله أخذ بظاهر الحديث المتقدم. (ويحرم به ما حرم بالحيض) بالاجماع، لأنه دم حيض مجتمع، فحكمه حكم الحيض في سائر أحكامه إلا في شيئين: أحدهما أن الحيض يوجب البلوغ، والنفاس لا يوجبه لثبوته قبله بالانزال الذي جبلت منه. الثاني: أن الحيض يتعلق به العدة والاستبراء، ولا يتعلقان بالنفاس لحصولهما قبله بمجرد الولادة. قال ابن الرفعة نقلا عن البندنيجي: ولا يسقط بأقله الصلاة، أي لأن أقل النفاس لا يستغرق وقت الصلاة، لأنه إن وجد في الأثناء فقد تقدم وجوبها، وإن وجد في الأول فقد لزمت بالانقطاع، بخلاف أقل الحيض فإنه يعم الوقت، وربما يقال:
قد يسقطه فيما إذا بقي من وقت الضرورة ما يسع تكبيرة الاحرام فنفست أقل النفاس فيه فإنه لا يجب قضاء تلك الصلاة، فعلى هذا لا يستثنى ما قاله. (وعبوره) أي النفاس (ستين) يوما، (كعبوره) أي الحيض (أكثره) لأن النفاس كالحيض في غالب أحكامه، فكذلك في الرد إليه عند الاشكال، فينظر: أمبتدأة في النفاس، أم معتادة مميزة، أم غير مميزة؟ ويقاس بما تقدم في الحيض، فترد المبتدأة المميزة إلى التمييز بشرط أن لا يزيد القوي على ستين، ولا ضبط في الضعيف، وغير المميزة إلى لحظة في الأظهر، والمعتادة المميزة إلى التمييز لا العادة في الأصح، وغير المميزة الحافظة إلى العادة، وتثبت بمرة، أي إن لم تختلف في الأصح، وإلا ففيه التفصيل السابق في الحيض، والناسية إلى مرد المبتدأة في قول وتحتاط في الآخر الأظهر في التحقيق. ولا يمكن تصور متحيرة مطلقة في النفاس بناء على المذهب أن من عادتها أن لا ترى نفاسا أصلا إذا ولدت فرأت الدم وجاوز الستين أنها كالمبتدأة، لأنه حينئذ يكون ابتداء نفاسها معلوما وبه ينتفي التحير المطلق.
خاتمة: يجب على المرأة تعلم ما تحتاج إليه من أحكام الحيض والاستحاضة والنفاس، فإن كان زوجها عالما لزمه تعليمها وإلا فلها الخروج لسؤال العلماء بل يجب، ويحرم عليه منعها إلا أن يسأل هو ويخبرها فتستغني بذلك، وليس لها الخروج إلى مجلس ذكر أو تعلم خير إلا برضاه. وإذا انقطع دم الحيض أو النفاس واغتسلت أو تيممت حيث يشرع لها التيمم فللزوج أن يطأها في الحال من غير كراهة، فإن خافت عود الدم استحب لها التوقف في الوطئ احتياطا. وفي كتب الغريب: أن رسول الله (ص) لعن الغائصة والمغوصة فالغائصة هي التي لا تعلم زوجها أنها حائض ليجتنبها، فيجامعها وهي حائض. والمغوصة هي التي لا تكون حائضا فتكذب على زوجها وتقول: أنا حائض، ليجتنبها.
كتاب الصلاة جمعها صلوات، وهي لغة الدعاء بخير، قال تعالى: * (وصل عليهم) *: أي ادع لهم. وتقدم بسطه أول الكتاب، ولتضمنها معنى التعطف عديت ب على، وشرعا: أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم بشرائط مخصوصة، ولا ترد صلاة الأخرس لأن الكلام في الغالب، فتدخل صلاة الجنازة بخلاف سجدة التلاوة والشكر، وسميت بذلك لاشتمالها على الدعاء إطلاقا لاسم الجزء على الكل. وقد بدأ بالمكتوبات لأنها أهم وأفضل، فقال: (المكتوبات) أي المفروضات