مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ١ - الصفحة ١١٩
بعد دخوله بزوجته وهي حامل من زنا، أو تزوج الرجل حاملا من زنا وطلقها بعد الدخول لأن حمل الزنا كالمعدوم. ووقع في المجموع أنه مثل لذلك بموت صبي عن زوجته وهي حامل من زنا، واعترض عليه في ذلك لأن زوجة الميت إنما تعتد بالأشهر لا بالأقراء، والثاني هو القديم: أنه ليس بحيض بل هو حدث دائم كسلس البول، لأن الحمل يسد مخرج الحيض وقد جعل دليلا على براءة الرحم فدل على أن الحامل لا تحيض. وأجاب الأول بأنه إنما حكم الشارع ببراءة الرحم به لأنه الغالب. (و) الأظهر أن (النقاء بين) دماء (أقل الحيض) فأكثر (حيض) تبعا لها بشروط: وهي أن لا يجاوز ذلك خمسة عشر يوما ولم تنقص الدماء عن أقل الحيض، وأن يكون النقاء محتوشا بين دمي حيض، فإذا كانت ترى وقتا ما ووقتا نقاء واجتمعت هذه الشروط حكمنا على الكل بأنه حيض، وهذا يسمى قول المحب. والثاني: أن النقاء طهر، لأن الدم إذا دل على الحيض وجب أن يدل النقاء على الطهر، وهذا يسمى قول اللفظ وقول التلفيق، أما النقاء بعد آخر الدماء فطهر قطعا، وإن نقصت الدماء عن أقل الحيض فهي دم فساد، وإن زادت مع النقاء بينها على خمسة عشر يوما فهي دم استحاضة. ومحل الخلاف في الصلاة والصوم ونحوهما، فلا يجعل النقاء طهرا في انقضاء العدة إجماعا وفيما إذا زاد النقاء على الفترات المعتادة بين دفعات الحيض، أما الفترات فهي حيض قطعا. والفرق بين الفترة والنقاء كما قاله في زوائد الروضة أن الفترة هي الحالة التي ينقطع فيها جريان دم ويبقى أثر لو أدخلت قطنة في فرجها لخرجت ملوثة، والنقاء أن تخرج نقية لا شئ عليها، والدم بين التوأمين حيض كالخارج بعد عضو انفصل من الولد المجتن لخروجه قبل فراغ الرحم كدم الحامل، بل أولى بكونه حيضا إذا إرخاء الدم بين الولادتين أقرب منه قبلهما لانفتاح فم الرحم بالولادة.
تنبيه: قال ابن الفركاح: إن نسخة المصنف: والنقاء بين الدم حيض ثم أصلحه بعضهم بقوله: بين أقل الحيض، لأن الراجح أنه إنما ينسحب إذا بلغ مجموع الدماء أقل الحيض اه‍. قال الولي العراقي: وهذه النسخة التي شرح عليها السبكي. وقال ابن النقيب: وقد رأيت نسخة المصنف التي بخطه وقد أصلحت كما قال بغير خطه. ثم لما فرغ من ذكر المستحاضة وأقسامها شرع في ذكر النفاس وقدره فقال: (وأقل النفاس) مجة كما عبر به في التنبيه، أي دفعة، وزمانها (لحظة) وفي الروضة وأصلها: لا حد لأقله، أي لا يتقدر بل ما وجد منه وإن قل يكون نفاسا، ولا يوجد أقل من مجة، فالمراد من العبارات كما قال في الاقليد واحد. وهو بكسر النون لغة: الولادة، وشرعا: ما مر أول الباب. وسمي بذلك لأنه يخرج عقب النفس، أو من قولهم: تنفس الصبح إذا ظهر. ويقال لذات النفاس نفساء بضم النون وفتح الفاء وجمعها نفاس، ولا نظير له إلا ناقة عشراء فجمعها عشار، قال تعالى: * (وإذا العشار عطلت) *. ويقال في فعله: نفست المرأة، بضم النون وفتحها وبكسر الفاء فيهما، والضم أفصح. وأما الحائض فيقال فيها: نفست، بفتح النون وكسر الفاء لا غير، ذكره في المجموع. (وأكثره ستون) يوما (وغالبه أربعون) يوما اعتبارا بالوجود في الجميع كما مر في الحيض. وأما خبر أبي داود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنهما: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله (ص) أربعين يوما فلا دلالة فيه على نفي الزيادة، أو محمول على الغالب أو على نسوة مخصوصات، ففي رواية لأبي داود: كانت المرأة من نساء النبي (ص) تقعد في النفاس أربعين ليلة واختلف في أوله، فقيل: بعد خروج الولد، وقيل: أقل الطهر. فأوله فيما إذا تأخر خروجه عن الولادة من الخروج لا منها، وهو ما صححه في التحقيق. وموضع من المجموع عكس ما صححه في أصل الروضة وموضع آخر من المجموع. وقضية الاخذ بالأول أن زمن النقاء لا يحسب من الستين، لكن البلقيني صرح بخلافه، فقال:
ابتداء الستين من الولادة، وزمن النقاء لا نفاس فيه وإن كان محسوبا من الستين، ولم أر من حقق هذا اه‍. وعلى هذا يلزمها قضاء ما فاتها من الصلوات المفروضة في هذه المدة. ويشكل على هذا قول المصنف أنها إذا ولدت ولدا جافا أن صومها يبطل، ولا يصح ذلك إلا إذا قلنا إن هناك دما وإن خفي، وينبغي على هذا أنه يحرم على حليلها أن يستمتع بها بما بين السرة والركبة قبل غسلها. وكلام ابن المقري يميل إلى الثاني، وينبغي اعتماده، وإن كنت جريت على الأول في شرح التنبيه. وإن لم تر الدم إلا بعد مضي خمسة عشر يوما فأكثر، فلا نفاس لها أصلا على الأصح في شرح المهذب،
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 خطبة الكتاب 2
2 كتاب الطهارة 16
3 باب أسباب الحدث 31
4 فصل في آداب الخلاء وفي الاستنجاء 39
5 باب الوضوء 46
6 باب مسح الخف 63
7 باب الغسل 68
8 باب النجاسة 77
9 باب التيمم 86
10 فصل في بيان أركان التيمم وكيفيته وغير ذلك 96
11 باب الحيض وما يذكر معه من الاستحاضة الخ 108
12 فصل إذا رأت المرأة من الدماء الخ 113
13 كتاب الصلاة 120
14 فصل إنما تجب الصلاة على كل مسلم الخ 130
15 فصل الأذان والإقامة سنة 133
16 فصل استقبال القبلة شرط لصلاة القادر الخ 142
17 باب صفة الصلاة 148
18 باب شروط الصلاة 184
19 فصل تبطل الصلاة بالنطق بحرفين الخ 194
20 باب سجود السهو 204
21 باب تسن سجدات التلاوة 214
22 باب صلاة النفل 219
23 كتاب صلاة الجماعة 229
24 فصل في صفات الأئمة 237
25 فصل يذكر فيه بعض شروط الاقتداء وآدابه 245
26 فصل: شرط القدوة أن ينوي المأموم الخ 252
27 فصل تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة الخ 255
28 فصل في قطع القدوة وما تنقطع به وما يتبعهما 259
29 باب كيفية صلاة المسافر 262
30 فصل في شروط القصر وما يذكر معه 266
31 فصل في الجمع بين الصلاتين 271
32 باب صلاة الجمعة 276
33 فصل في الأغسال المسنونة في الجمعة وغيرها وما يذكر معها 290
34 فصل في بيان ما تدرك به الجمعة وما لا تدرك به، وجواز الاستخلاف وعدمه 296
35 باب صلاة الخوف 301
36 فصل فيما يجوز لبسه للمحارب وغيره وما لا يجوز 306
37 باب صلاة العيدين 310
38 فصل في التكبير المرسل والمقيد 314
39 باب صلاة الكسوفين 316
40 باب صلاة الاستسقاء 321
41 باب في حكم تارك الصلاة المفروضة على الأعيان 327
42 كتاب الجنائز 329
43 فصل في تكفين الميت وحمله 336
44 فصل في الصلاة على الميت المسلم غير الشهيد 340
45 فصل في دفن الميت وما يتعلق به 351
46 مسائل منثورة 356
47 كتاب الزكاة باب زكاة الحيوان 368
48 فصل إن اتحد نوع الماشية 374
49 باب زكاة النبات 381
50 باب زكاة النقد 389
51 باب زكاة المعدن والركاز والتجارة 394
52 فصل شرط زكاة التجارة الحول والنصاب الخ 397
53 باب زكاة الفطر 401
54 باب من تلزمه الزكاة وما تجب فيه 408
55 فصل في أداء زكاة المال 413
56 فصل في تعجيل الزكاة وما يذكر معه 415
57 كتاب الصيام 420
58 فصل في أركان الصوم 423
59 فصل شرط الصوم الامساك عن الجماع الخ 427
60 فصل شرط الصوم الاسلام والعقل الخ 432
61 فصل في شروط وجوب صوم رمضان 436
62 فصل في فدية الصوم الواجب 438
63 فصل في موجب كفارة الصوم 442
64 باب صوم التطوع 445
65 كتاب الاعتكاف 449
66 فصل في حكم الاعتكاف المنذور 455
67 كتاب الحج 459
68 باب المواقيت 471
69 باب الإحرام 476
70 فصل في ركن الاحرام وما يطلب للمحرم الخ 478
71 باب دخول مكة 482
72 فصل فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن 485
73 فصل فيما يختم به الطواف وبيان كيفية السعي 493
74 فصل في الوقوف بعرفة وما يذكر معه 495
75 فصل في المبيت بمزدلفة والدفع منها وفيما يذكر معها 499
76 فصل في المبيت بمنى ليالي أيام التشريق 505
77 فصل في بيان أركان الحج والعمرة وكيفية أداء النسكين وما يتعلق بذلك 513
78 باب محرمات الإحرام 518
79 باب الإحصار والفوات 532