والمسألة مفرعة على الاكتفاء بالتقدير. وإهمال ذكر الجنس، إما مطلقا، وإما بأن قال: مائة رطل مما شئت.
فرع الدابة المستأجرة للحمل، إن كانت معينة، فعلى ما ذكرناه في الركوب. وإن كانت الإجارة على الذمة، لم يشترط معرفة جنس الدابة وصفتها، بخلاف الركوب، لان المقصود هنا تحصيل المتاع في الموضع المنقول إليه، فلا يختلف الغرض. لكن لو كان المحمول زجاجا أو خزفا وشبههما، فلا بد من معرفة حال الدابة، ولم ينظروا في سائر المحمولات إلى تعلق الغرض بكيفية سير الدابة بسرعة أو بطء، وقوة أو ضعف، وتخلفها عن القافلة على بعض التقديرات. ولو قيل به، لم يكن بعيدا. والكلام في المعاليق وتقدير السير، على ما ذكر ناه في الاستئجار للركوب.
فرع استأجره لحمل هذه الصبرة إلى موضع كذا، كل صاع بدرهم، أو صاع منها بدرهم، وما زاد فبحسابه، صح العقد كما لو باع كذلك، بخلاف ما لو قال: أجرتك كل شهر بدرهم، لان جملة الصبرة معلومة محصورة، بخلاف الأشهر.
ولو قال: لتحمل صاعا منها بدرهم، على أن تحمل كل صاع منها بدرهم، أو على أن ما زاد فبحسابه، فوجهان. أصحهما: المنع، لأنه شرط عقد في عقد. والثاني: الجواز، وتقديره: كل صاع بدرهم. ولو قال: لتحمل هذه الصبرة وهي عشرة آصع، كل صاع بدرهم، فإن زادت، فبحسابه، صح العقد في العشرة، دون الزيادة المشكوك فيها. ولو قال: لتحمل من هذه الصبرة كل صاع بدرهم، لم يصح على المذهب، وهو المعروف. وقد سبق في مثله في البيع وجه: انه يصح في صاع، فيعود هنا.
فصل ومن الأغراض، سقي الأرض بإدارة الدولاب، والاستقاء من البئر بالدلو. فإن كانت الإجارة على عين الدابة، وجب تعيينها كما في الركوب والحمل.
وإن كانت في الذمة، لم يجب بيان الدابة ومعرفة جنسها. وعلى التقديرين يعرف المؤجر الدولاب والدلو وموضع البئر وعمقها، بالمشاهدة، أو الوصف إن كان الوصف يضبطها، ويقدر المنفعة، إما بالزمان، بأن يقول: لتسقي بهذا الدلو من البئر اليوم، وإما بالعمل، بأن يقول: لتستقي خمسين دلوا من هذه البئر بهذا الدلو.