وقد يسوغ الطريقان، كما إذا استأجر عين شخص أو دابة، فيمكن أن يقول في الشخص: ليعمل لي كذا شهرا، وإن يقول: ليخيط لي هذا الثوب. وفي الدابة يقول: لأتردد عليها في حوائجي اليوم، أو يقول: لأركبها إلى موضع كذا، فأيهما كان، كفى، لتعريف المقدار. فإن جمع بينهما فقال: استأجرتك لتخيط لي هذا القميص اليوم، فوجهان. أصحهما: بطلان العقد. والثاني: صحته، وعلى هذا وجهان. أصحهما: يستحق الأجرة بأسرعهما، فإن انقضى اليوم قبل تمام العمل، استحقها، فإن تم العمل قبل تمام اليوم، استحقها. والثاني:
الاعتبار بالعمل، فإن تم العمل أولا، استحقها. وإن تم اليوم أولا، وجب إتمامه.
وإن قال: على أنك إن فرغت قبل تمام اليوم، لم تخط غيره، بطلت الإجارة، لان زمن العمل يصير مجهولا.
فإذا عرفت هذا، فالمنافع متعلقة بالأعيان، تابعة لها، وعدد الأعيان التي يستأجر لها كالمتعذر، فعني الأصحاب بثلاثة أنواع تكثر إجارتها ليعرف طريق الضبط بها، ثم يقاس عليها غيرها.
النوع الأول: الآدمي يستأجر لعمل أو صنعة، كخياطة، فإن كانت الإجارة في الذمة، قال: ألزمت ذمتك عمل الخياطة كذا يوما، لم يصح، لأنه لم يعين خياطا ولا ثوبا. ولو استأجر عينه، قال: استأجرتك لتخيط هذا الثوب. ولو قال: لتخيط لي يوما أو شهرا، قال الأكثرون: يجوز أيضا. ويشترط أن يبين الثوب وما يريد منه من قميص، أو قباء، أو سراويل، والطول، والعرض، وأن يبين نوع الخياطة، أهي رومية، أو فارسية؟
إلا أن تطرد العادة بنوع، فيحمل المطلق عليه.
فرع من هذا النوع، الاستئجار لتعليم القرآن، فليعين السورة والآيات التي يعلمها، فإن أخل بأحدهما، لم يصح على الأصح. وقيل: لا يشترط تعيين واحد منهما، بل يكفي ذكر عشر آيات مثلا. وقيل: تشترط السورة دون الآيات. وهل