إذا وقف على قوم وجعل النظر في الوقف إلى نفسه كان النظر إليه، وإن جعله إلى غيره كان النظر إلى من جعله إليه، وإن أطلق ذلك قيل فيه وجهان بناء على انتقال الملك: فمن قال: ينتقل الملك إلى الله، فالنظر إلى الحاكم في الوقف، ومن قال: ينتقل إلى الموقوف عليه، فالنظر إليهم.
إذا وقف شاة كان صوفها ولبنها من منافعها، وهي للموقوف عليه.
الناس في الصدقة على ثلاثة أضرب: النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليه السلام وسائر الناس.
فأما النبي صلى الله عليه وآله فالصدقة المفروضة محرمة عليه، وكذلك أهل بيته لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: إنا أهل البيت لا تحل لنا الصدقة، وروي أنه عليه السلام رأى تمرة ملقاة فقال: لولا أني أخشى أن تكوني من تمر الصدقة لأكلتك، وقال عليه السلام لفضل بن عباس لما طلب العمالة على الصدقات: أما في خمس الخمس ما يغنيكم عن أوساخ الناس.
وأما صدقة التطوع فإن النبي صلى الله عليه وآله ما كان يقبلها، لأنه رد صدقة سلمان، فلما حمل فيما بعد وقال: هذا هدية، قبلها وأكلها، وأكل من لحم من تصدق على بريدة وقال: هو لها صدقة ولنا هدية، وهل كان للتحريم أو للاستحباب؟ قيل فيه قولان أصحهما أنه على وجه الاستحباب.
فأما أهل بيته فالصدقة المفروضة محرمة عليهم من غيرهم عندنا، ولا يحرم من بعضهم على بعض، والفقهاء يطلقون ذلك.
وأما صدقة التطوع فلا تحرم عليهم من غيرهم عندنا وعندهم: روي أن الحسن عليه السلام أخذ تمرة من الصدقة المفروضة فأكلها فقال النبي صلى الله عليه وآله : كخ كخ، يعني ارم بها.
وأما التطوع فحلال لهم بلا خلاف، روي أن جعفر بن محمد عليه السلام كان يشرب من السقايات التي بين مكة والمدينة فقيل له في ذلك، فقال: إنما حرمت علينا الصدقة المفروضة.