مجاوزة ما حد لكم إلى التعدي فيما لم يجعل لكم، والقصاص الأخذ من الجاني مثل ما جنى وذلك لأنه تال لجنايته.
فصل:
وقال بعض المفسرين: إن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس، قال جعفر بن مبشر: ليس هذا عندي كذلك لأنه تعالى إنما أخبرنا أنه كتبها على اليهود، قلنا: وليس في ذلك ما يوجب أنه فرض علينا لأن شريعتهم منسوخة بشريعتنا.
والذي نقوله نحن: إن هذه الآية ليست منسوخة لأن ما تضمنته معمول عليه ولا ينافي قوله تعالى: " النفس بالنفس " لأن تلك عامة وهذه خاصة ويمكن بناء تلك على هذه ولا تناقض ولا يحتاج إلى أن تنسخ إحديهما بالأخرى.
وقال قتادة: نزلت هذه الآية لأن قوما من أهل الجاهلية كانت لهم جولة على غيرهم فكانوا يتعدون في ذلك فلا يرضون بالعبد إلا الحر ولا بالمرأة إلا الرجل فنهاهم الله بهذه الآية عن مثل ذلك.
ويجوز قتل العبد بالحر والأنثى بالذكر إجماعا ولقوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، ولقوله تعالى: النفس بالنفس، وقوله تعالى: في هذه الآية: الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى، لا يمنع من ذلك لأنه تعالى لم يقل ولا تقتل الأنثى بالذكر ولا العبد بالحر، وإذا لم يكن في الظاهر فما تضمنته الآية معمول به وما قلناه مثبت بما تقدم من الأدلة.
فأما قتل الحر بالعبد فعندنا لا يجوز، وبه قال الشافعي وأهل المدينة، وقال أهل العراق: يجوز.
ولا يقتل الوالد بالولد عندنا وعند أكثر الفقهاء، وقال مالك: يقتل به على بعض الوجوه.
فأما قتل الوالدة بالولد فعندنا تقتل به، وعند جميع الفقهاء: أنها جارية مجرى الأب.
فأما قتل الولد بالوالد فيجوز إجماعا، ولا يقتل مولى بعبده.
ويجوز قتل الجماعة بواحد إجماعا ولقوله تعالى: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه