غلط فأخطأ في مقصده وفعل هذا المحظور فعليه كذا وكذا.
فصل:
ثم أخبر سبحانه بحكم من قتل من المؤمنين مؤمنا خطأ فقال: ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة، معناه فعليه تحرير رقبة مؤمنة، يعني مظهرة للإيمان، وظاهر ذلك يقتضي أن تكون بالغة ليحكم لها بالإيمان وذلك في ماله خاصة.
" ودية مسلمة إلى أهله " يؤديها عنه عاقلته إلى أولياء المقتول.
" إلا أن يصدقوا " أولياء المقتول على من لزمته دية قتلهم فيعفوا عنه فحينئذ يسقط عنهم، وموضع " أن " من قوله: إلا أن يصدقوا، نصب لأن المعنى فعليه ذلك إلا في حال التصدق ثم حذفت " في ".
وقيل: إلا حال التصدق، وأصله إلا على أن تصدقوا ثم سقط " على " ويعمل فيه ما قبله على معنى الحال أو هو مصدر وقع موقع الحال، ويجوز في سبب نزول الآية كلما قيل.
والذي يعول عليه: أن ما تضمنته الآية حكم من قتل خطأ.
وقال ابن عباس والحسن: الرقبة المؤمنة لا تكون إلا بالغة قد آمنت وصامت وصلت فأما الطفل فإنه لا يجزئ ولا الكافر، وقال عطاء: كل رقبة ولدت في الاسلام فهي تجزئ، والأول أقوى لأن المؤمن على الحقيقة لا يطلق إلا على بالغ عاقل مظهر للإيمان ملتزم لوجوب الصلاة والصوم إلا أنه لا خلاف أن المولود بين مؤمنين يحكم له بالإيمان، فهذا الاجماع ينبغي أن يجري في كفارة قتل الخطأ، فأما الكافر أو المولود بين كافرين فإنه لا يجزئ بحال.
ودية قتل الخطأ تلزم العاقلة، والعاقلة ترجع بها على القاتل إن كان له مال فإن لم يكن له مال فلا شئ للعاقلة عليه، ومتى كان للقاتل مال ولم يكن للعاقلة مال ألزم في ماله الدية خاصة، ولا يلزم العاقلة من دية الخطأ إلا ما قامت به البينة فأما ما يقر به القاتل فليس عليهم منه شئ ويلزم القاتل ذلك في ماله خاصة، وتستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين.
والعاقلة هم الذين يرثون دية القاتل إن لو قتل ولا يلزم من لا يرث من ديته شيئا، والدية المسلمة إلى أهل القتيل هي المدفوعة إليهم موفرة غير منقصة حقوق أهلها منها.