بأن لا يؤاخذ بما يستحقه عليه من القصاص والقتل.
وقيل " العفو ": الترك - كما قدمناه - واستدل بقول النبي ع: عفوت عنكم عن صدقة الخيل، أي تركتها، وأصل العفو: محو الأثر.
وهذا العفو كما ذكرناه على ضربين: أحدهما عفو عن دم القاتل وعن الدية جميعا والآخر عفو عن الدم والرضا بالدية، وهو المراد بالآية.
والمراد بقوله " من أخيه " أي من القاتل عفا ولي المقتول عن دمه الذي له من جهة أخيه المقتول، والمراد بقوله " شئ " الدم، فالهاء في قوله " من أخيه " تعود إلى أخ المقتول في قول الحسن، وقال الآخرون: تعود إلى أخ القاتل.
فإن قيل: كيف يجوز أن تعود إلى أخ القاتل وهو في تلك الحال فاسق.
قيل: عن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها أنه أراد أخوة النسب لا في الدين كما قال: وإلى عاد أخاهم هودا.
الثاني لأن القاتل قد يتوب فيدخل في الجملة غير التائب على وجه التغليب.
الثالث تعريفه بذلك على أنه كان أخاه قبل أن قتله كما قال تعالى: إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن، يعني الذين كانوا أزواجهن.
فصل:
وقوله تعالى: فاتباع بالمعروف، يعني العافي، وعلى المعفو عنه " أداء إليه بإحسان " وبه قال ابن عباس والحسن، وهو المروي عن أبي عبد الله ع، وقال قوم: هما على المعفو عنه.
ودية القصاص في قود النفس ألف دينار أو عشرة آلاف درهم أو مائة من مسان الإبل أو مائتان من البقر أو ألف شاة أو مائتا حلة، فهذه الستة أصل في نفس الدية وليس بعضها بدلا عن بعض، وهذا كما نقول في زكاة الفطرة أنها تجب صاع من أحد الأجناس الستة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط، فإن كل واحد منها أصل فيها وليس بعضها بدلا من بعض.