فصل:
ثم قال: ذلك تخفيف من ربكم. المشار إليه بذا ترخيص الله ترك القصاص والاقتصار على الدية " فمن اعتدى " بعد ذلك " فله عذاب أليم " أي من اعتدى بعد البيان في الآية فقتل غير قاتل وليه أو بعد قبول الدية فله عذاب أليم، أي من قتل منكم نفسا في الدنيا قتلته في النار مائة ألف قتلة مثل قتله صاحبه.
وجاء في التفسير: أن الاعتداء ههنا أن يقتل بواحد عدة كما كان يفعل كبراء الكفار في الجاهلية وكل هذا تحتمله الآية، والمروي عن ابن عباس: أن الاعتداء هو القتل بعد قبول الدية، وكذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
معنى " تخفيف من ربكم " أنه جعل لكم القصاص أو الدية أو العفو، وكان لأهل التوراة قصاص وعفو ولأهل الإنجيل عفو ودية.
ثم قال: ولكم في القصاص حياة، المراد به القصاص في القتل، وإنما كان فيه حياة من وجهين: أحدهما أنه إذا هم الانسان بالقتل فذكر القصاص ارتدع فكان ذلك سببا للحياة، وحياة الذي هم هو بقتله وحياة له لأنه من أجل القصاص أمسك عن القتل فسلم من أن يقتل. وقال السدي: من جهة أنه لا يقتل إلا القاتل دون غيره خلاف فعل الجاهلية الذين كانوا يتفانون بالطوائل، والمعنيان جميعا حسان، ونظير هذه الآية قولهم:
القتل أنفى للقتل.
وإنما خص الله بالخطاب أولى الألباب لأنهم المكلفون المأمورون ومن ليس بعاقل لا يصح تكليفه، فعلى هذا متى كان القاتل غير بالغ - وحده عشر سنين فصاعدا - أو يكون مع بلوغه زائل العقل إما أن يكون مجنونا أو مؤوفا فإن قتلهما وإن كان عمدا فحكمه حكم الخطأ.
فصل:
قوله تعالى: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، يعني إلا بالقود أو الكفر أو ما جرى مجراهما فإن قتله كذلك حق وليس بظلم.