ولا يجبر القاتل عمدا على الدية، فإن رضي فهي عليه في ماله، فإن لم يقبل أولياء المقتول الدية وفادى القاتل نفسه بأضعاف الدية فلا بأس، بقوله تعالى " فاتباع بالمعروف " أي فعليه اتباع الأخ العافي بمعروف، " وأداء إليه بإحسان " أي يتبعه بالحمد والشكر والثناء ويؤدى إليه الدية بإحسان، أي على وجه جميل.
وقال الزجاج: قيل على الولي العافي اتباع القاتل بالمطالبة للدية وعلى القاتل أداء الدية بإحسان، قال: وجائز أن يكون الاتباع بالمعروف والأداء بالإحسان جمعا على القاتل.
وجاء في التفسير: أن الأداء بإحسان أن يكون منجما ولا يذهب شئ من الدية والاتباع بالمعروف أن يقبضها برفق، وقال أبو مسلم أي على قاتل العمد الذي يرضى منه ولي المقتول بالدية ويعفو له عن القود أن يتبع ما أمره الله تعالى في إعطاء الولي ما يصالحه عليه ويرضى به منه.
ويحتمل " بالمعروف " أن يكون صفة لأمر الله أن يكون ما يتعارفه العرب بينها من دية القتلى بينهم إذا أرادوا الإصلاح وحقن الدماء.
وتؤخذ دية العمد لسنة وقد حث الله تعالى كل واحد منهما على الإحسان، فليؤد المطلوب إلى الطالب إن استطاع بتعجيل وليرفق الطالب في طلب الدية.
وأنكر بعض أهل اللغة أن يكون العفو في الآية بمعنى الإعطاء كما قاله البصري أن الضمير في " أخيه " يرجع إلى أخ المقتول الذي يرث دمه، والأخ المراد به في النسب بذل له من دم أخيه شئ يعطي عفوا، أي الدية في سهولة وذلك لأنه لو كان من الإعطاء لقيل: فمن أعطى له، وليس في الكلام عفي له منه بمعنى أعطيه عفوا، إنما يقال: أعفى له بكذا، إذا أعطاه، وإنما هو عفو ولي المقتول عن دم القاتل.
وقوله: القاتل لا يكون أخا المقتول إلا في النسب، ليس بصحيح لأنه يمكن أن يكون القاتل عمدا والمقتول مسلمين.
قال ابن مهرايزد: الصحيح أن الضمير في " أخيه " للقاتل الذي عفي له القصاص وأخوه ولي المقتول، والضمير في " إليه " أيضا له، أن يؤدى القاتل الدية إلى الولي العافي " بإحسان " أي من غير مطل ولا أذى.