" ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف " أي فلا يسرف القاتل في القتل، وجاز أن يضمر وإن لم يجر له ذكر لأن الحال يدل عليه ويكون تقييده بالإسراف جاريا مجرى قوله في أكل مال اليتيم " ولا تأكلوها إسرافا " وإن لم يجر أن يأكل منه على الاقتصاد فكذلك لا يمتنع أن يقال للقاتل الأول لا تسرف في القتل لأنه يكون بقتله مسرفا فلا يسرف لأن من قتل مظلوما كان منصورا بأن يقتص له وليه والسلطان إن لم يكن له ولي فيكون هذا رد القاتل عن القتل.
والآخر أن يكون في " يسرف " ضمير " الولي " أي لا يسرف الولي في القتل وإسرافه فيه أن يقتل غير من قتل أو يقتل أكثر من قاتل وليه، أي فلا يسرف الولي فإنه منصور بقتل قاتل وليه والاقتصاص منه.
والسلطان الذي جعله الله للولي قال ابن عباس: هو القود أو العفو أو الدية.
فصل:
ومما تقتضيه الآيات أن المرأة إذا قتلت رجلا واختار أولياؤه القود فليس لهم إلا نفسها، فإن قتل الرجل امرأة عمدا وأراد أولياؤها قتله كان لهم ذلك إذا ردوا نصف دية الرجل.
وإذا قتل المسلم ذميا عمدا وجب عليه ديته ولا يجب فيه القود، وكذلك إذا قتل حر عبدا أو أمة لم يكن عليه قود وعليه الدية يعطي قيمتهما يوم قتلهما فإن زادت القيمة على دية الحر والحرة رد إليها.
وإن قتل عبد حرا عمدا كان عليه القتل إن أراد أولياء المقتول ذلك، وإن طلبوا الدية كان على مولاه الدية كاملة أو تسليم العبد إليهم إن شاؤوا استرقوه وإن شاؤوا قتلوه.
وإذا قتل جماعة واحدا فإن أولياء الدم مخيرون بين أمور ثلاثة: أحدها أن يقتلوا القاتلين كلهم ويؤدوا فضل ما بين دياتهم ودية المقتول إلى أولياء المقتولين، والثاني أن يتخيروا واحدا منهم فيقتلوه ويؤدوا المستبقون ديته إلى أولياء صاحبهم بحساب أقساطهم من الدية، الثالث إن اختار أولياء المقتول أخذ الدية كانت على القاتلين بحسب عددهم،