الشافعي: هو مخير بين الصوم والإفطار، والصوم أفضل. وروي عن ابن عمران: الفطر أفضل. وروي عن أبي هريرة أنه إن صامه في السفر لم يجزئه، وعليه أن يصومه في الحضر.
وهذا هو مذهب الإمامية بعينه.
والحجة لقولنا الاجماع المتكرر. وأيضا قوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، فأوجب تعالى القضاء بنفس السفر، ومن ادعى ضميرا في الآية وهو لفظة " فأفطر " فهو تارك للظاهر من غير دليل.
فإن قيل: فيجب أن تقولوا مثل ذلك في قوله: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه، ولا تضمروا " فحلق ".
قلنا: هكذا يقتضي الظاهر ولو خلينا وإياه لم نضمر شيئا لكنا أضمرناه بالإجماع ولا إجماع ولا دليل يقطع به في الموضع الذي اختلفنا فيه، ويعارضون بما يروونه هم عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر.
فإن قيل: معنى الخبر أن الصائم في السفر الذي يعتقد أن الفطر لا يجوز له كالمفطر في الحضر الذي يعتقد أن الصوم لا يجب عليه.
قلنا: هذا تخصيص للظاهر بغير دليل، والظاهر أن الصائم في السفر كالمفطر في الحضر في سائر الأحكام التي من جملتها لزوم القضاء على أن هذا تأويل منهم فاسد لأن أحدا من المسلمين لا يسوي بين من صام في السفر واعتقد أن الفطر لا يجوز له وبين المفطر في الحضر الذي يعتقد أن الصوم غير واجب عليه، لأن الاعتقاد الأول طريقة الاجتهاد عندهم وفيه بعض العذر لمعتقده، والاعتقاد الثاني بخلاف ذلك وربما كان كفرا.
وإن استدلوا بما رواه أنس: من أنهم كانوا يسافرون مع النبي صلى الله عليه وآله في رمضان فيصوم بعضهم ويفطر بعضهم لا يعيب هؤلاء على هؤلاء ولا هؤلاء على هؤلاء. وبما روى ابن حمزة بن عمر الأسلمي: أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله عن الصوم في السفر، فقال عليه السلام: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.
قلنا لهم: نحمل هذه الأخبار على صوم التطوع، فإن التطوع بالصوم في السفر عندنا جائز أو نحمله على صوم نذر معين، ونعارض هذه الأخبار بما رووه عن النبي صلى الله عليه