الصوم، ويمكن أن يكون الوجه في المنع من الارتماس أن الماء يصل معه إلى الجوف لا محالة من المخارق التي لا يمكن ضبطها، فجعل ما هو الغالب في حكم الواقع.
مسألة: ومما انفردت الإمامية به من فقهاء الأمصار كلهم، وقد روي عن أبي هريرة وفاقهم فيه، وحكي أيضا أن الحسن بن صالح بن حي كان يقول: يستحب لمن أصبح جنبا في شهر رمضان أن يقضي ذلك اليوم وكان يفرق بين صوم التطوع وبين صوم الفرض في هذا الباب:
إيجابهم على من أجنب في ليل شهر رمضان وتعمد البقاء إلى الصباح من غير اغتسال القضاء والكفارة. وفيهم من يوجب القضاء دون الكفارة، ولا خلاف بينهم في أنه إذا غلبه النوم ولم يتعمد البقاء على الجنابة إلى الصباح لا شئ عليه.
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتكرر.
ومما يعارض المخالفون به ما يروونه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله قال:
من أصبح جنبا في شهر رمضان فلا يصومن يومه، وليس لهم أن يحملوا هذا الخبر على من أصبح مجامعا مخالطا لأنه بخلاف لفظ الخبر وترك لظاهره، ولو أراد ذلك لقال عليه السلام:
من أصبح مجامعا، والجماع إذا كان مفسدا للصوم فلا معنى لإضافته إلى الصباح لأنه في النهار كله مفسد للصوم وإنما يليق بقوله ع: من أصبح جنبا، من استمر على حكم الجنابة الواقعة قبل الصباح.
ولا يعارض هذا الخبر ما يروونه عن عائشة أن النبي ص كان يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصوم يومه ذلك، وفي بعض الألفاظ وذلك في شهر رمضان لأنا نتأول هذا الخبر على أن المراد به ما وقع من غير اعتماد، وليس لهم أن يقولوا أن حكم الجنابة لا ينافي الصوم بدلالة أنه قد يحتلم نهارا ويؤخر اغتساله ولا يفسد بذلك صومه. وذلك أنا لم نوجب على المعتمد البقاء على الجنابة إلى الصباح الغسل لأجل المنافاة بين الجنابة والصوم، بل لأنه اعتمد لأن يكون جنبا في نهار الصوم، وليس كذلك من احتلم نهارا واستمر على حاله لأن كونه جنبا في هذه الأحوال من غير اعتماد، ولأن بقاءه على الجنابة