ومتأخر عن هذا الخلاف فسقط حكمه فأما الحقنة فلم يختلفه في أنها تفطر وقال الحسن بن حي لا يفطر ما يصل من غير الفم وقال مالك إن كان كثيرا أفطره وإن كان قليلا لم يفطره والإجماع سابق لخلاف الحسن بن أبي صالح ومتأخر عنه فأما تفرقة مالك بين الكثير والقليل فغير صحيح لأن ما يفطر لا يفرق بين قليله وكثيره فأما الوطء فلا خلاف في أنه يفسد الصيام فأما دواعيه التي يقترن بها الإنزال فأنزل غير مستدع للإنزال لم يفطر وهو مذهب الشافعي وقال مالك إن أنزل في أول نظرة أفطر ولا كفارة عليه وإن كرر حتى أنزل أفطر وعليه الكفارة دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتقدم ذكره وأيضا فإن الاحتراز من النظر لا يمكن في الأغلب فرفع عنه وعما يحصل منه بقوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج ولهذا لو طار الذباب ودخل في حلقه لم يفسد صومه.
المسألة الثلاثون والمائة:
من أفطر في شهر رمضان متعمدا فلا كفارة عليه في إحدى الروايتين وعليه الكفارة في الرواية الأخرى.
الذي يذهب إليه أصحابنا أن من تعمد الأكل والشرب والجماع المتقدم أنه لا خلاف في أن من أفسد صومه فأكل وشرب فقد تعلق على ذمته حق لله تعالى وأجمعوا على أنه إذا قضى وكفر برئت ذمته والإجماع على براءة ذمته متى قضى ولم يكفر ولا دليل يتمم اليقين فيجب أن يكفر ليبرأ ذمته بيقين كما اشتغلت بيقين وأيضا ما روي عنه السلام أنه قال من أفطر في شهر رمضان فعليه ما على المظاهر فإن قيل لفظ المظاهر بالإطلاق لا يتناول العامد وغيره وهو عام فيهما وعلى العامد كفارة وعلى المفطر مثلها وأيضا فقد روي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: أفطرت في شهر رمضان فقال عليه السلام أعتق رقبة فخرج كلامه مخرج الجواب لسؤال السائل وصار السؤال مضمرا في الجواب فكأنه قال عليه السلام أعتق رقبة لأنك أفطرت.