هذه الآية لكل من عدا الشيخ الهرم ممن لا يشق عليه الصوم، ولم يقم دليل على أن الشيخ إذا خاف الضرر دخل في هذه الآية، فهو إذن تحت حكم الآية الأولى التي تناولته كما تناولت غيره ونسخت عن غيره وبقيت فيه فيجب أن يلزمه الفدية إذا أفطر لأنه مطيق للصوم.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن من نذر صوم يوم بعينه فأفطره لغير عذر وجب عليه قضاؤه ومن الكفارة ما يجب على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا بلا عذر، وباقي الفقهاء يخالف في ذلك ولا يوجبون الكفارة.
دليلنا الاجماع المتردد وطريقة الاحتياط وبراءة الذمة، ومخالفونا إذا كانوا يذهبون إلى القياس كيف ذهب عليهم أن حكم النذر في الوجوب حكم يوم من شهر رمضان فكيف افترقا في وجوب الكفارة على المفطر فيهما؟
فإن قالوا: لأن النذر وجب عليه بسبب من جهته، وصوم يوم من شهر رمضان وجب عليه ابتداء.
قلنا: وأي تأثير لهذا الفرق في سقوط الكفارة، وقد علمنا أنهما مع الافتراق فيما ذكرتم ينقض صومه ويفسده في النذر، كلما أفسده في صوم شهر رمضان، وأحكام الصومين كلها غير مختلفة، وإن افترقا من الوجه الذي ذكرتم.
مسألة:
ومما انفردت الإمامية به القول: بأن من نوى من الليل صيام يوم بعينه قضاء عن شهر رمضان فتعمد الإفطار فيه لغير عذر، وكان إفطاره بعد الزوال وجب عليه كفارة، وهي إطعام عشرة مساكين وصيام يوم بدله، وإن لم يقدر على الإطعام أجزأه أن يصوم ثلاثة أيام عن ذلك، وإن كان إفطاره في هذا اليوم قبل الزوال كان عليه قضاء اليوم ولا كفارة عليه.
وباقي الفقهاء لا يعرفون هذا التفصيل ولا يوجبون هاهنا كفارة بل قضاء يوم فقط، والحجة لمذهبنا الاجماع الذي يتكرر وطريقة الاحتياط وبراءة الذمة.