فصل:
وقد جرى ذكر النسخ في المسح على الخفين بسورة المائدة ونسخ القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، وكذا في آية الصوم ذكرنا دليلا على جوازه وقال تعالى: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها، فالنسخ حقيقته كل دليل شرعي دل على أن مثل الحكم الثابت بالنص الأول غير ثابت فيما بعد على وجه لولاه لكان ثابتا بالنص الأول مع تراخيه عنه، والنسخ في الشرع على ثلاثة أقسام: نسخ الحكم دون اللفظ ونسخ اللفظ دون الحكم ونسخهما معا.
فالأول كقوله: يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين، فكان الفرض الأول وجوب ثبوت الواحد للعشرة فنسخ بثبوت الواحد للاثنين، فحكم الآية الأولى منسوخ وتلاوتها ثابتة ونحوها آية العدة والفدية وغير ذلك.
والثاني كآية الرجم، فقد روي أنها كانت منزلة " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنهما قضيا الشهوة جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فرفع لفظها وبقي حكمها.
والثالث ما هو مجوز ولم يقطع بأنه كان وقد روي عن أبي بكر أنه قال: كنا نقرأ " لا ترغبوا عن آبائكم فهو كفر "، واعلم أن سبيل النسخ سبيل سائر ما تعبد الله به وشرعه على حسب ما يعلم من المصلحة فيه، فإذا زال الوقت الذي تكون المصلحة مقرونة به زال بزواله، وذلك مشروط بما في المعلوم من المصلحة به وهذا كاف في إبطال قول من أبي النسخ، ومعنى الآية: ما نبدل من آية أو نتركها أو نؤخرها نأت بخير منها لكم في التسهيل كالأمر بالقتال أو مثلها كالتوجه إلى الكعبة.
باب الزيادات:
سأل هشام بن الحكم أبا عبد الله ع عن علة الصيام فقال: إنما فرض الله