المسألة الرابعة والثلاثون والمائة:
لا اعتكاف إلا بصوم.
عندنا أن الصوم من شرط صحة الاعتكاف ووافقنا على ذلك أبو حنيفة ومالك وقال الشافعي: يصح الاعتكاف بغير صوم وفي الأوقات التي لا يصح فيها الصوم مثل يوم النحر والفطر والتشريق دليلنا بعد الاجماع المتقدم قوله تعالى وأنتم عاكفون في المساجد والاعتكاف لفظ شرعي مفتقر إلى بيان والله تعالى لم يبينه في كتابه واحتجنا إلى بيان من غيره فلما وجدنا النبي لم يعتكف إلا بصوم كان فعله ذلك بيانا للجملة المذكورة في الآية وفعله إذا وقع على وجه البيان كان كالموجود في أوجه الآية وأيضا ما رواه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله: لا اعتكاف إلا بصوم وروي عن عمر أنه قال يا رسول الله إني نذرت أن اعتكف يوما في الجاهلية فقال له النبي: اعتكف وصم ومعنى قول عمر في الجاهلية أنه نذر قبل فتح مكة في حال كان أهلها في الجاهلية وليس معناه أنه نذر في حال الشرك لاتفاقهم على أنه نذر في حال الكفر إن يعتكف لم يلزمه بعد الاسلام شئ فإن احتج المخالف بما يرويه ابن عباس عن النبي ص أنه قال: ليس على المعتكف صوم إلا أن يوجبه على نفسه فالجواب عنه أنه يحتمل أن يريد به ليس على المعتكف في شهر رمضان صوم آخر لأجل الاعتكاف.
المسألة الخامسة والثلاثون والمائة:
من شرع في الاعتكاف ثم أفسده لزمه القضاء.
الذي في هذه المسألة ليس يخلو الاعتكاف من أن يكون واجبا بالنذر أو تطوعا فإن كان واجبا لزم مع إفساده القضاء وإن كان تطوعا لم يلزمه القضاء لأن التطوع لا يجب عندنا بالدخول فيه وقد تكلمنا في ذلك في من دخل في صلاة تطوع أو صوم تطوع ثم أفسدها.