فمن لم يجد رقبة مؤمنة ولا دية يسلمها إلى أهلها فعليه صوم شهرين متتابعين، ذهب إليه مسروق، والأول هو الصحيح، لأن دية قتل الخطأ على العاقلة - على ما نذكره في بابه - والكفارة على القاتل بإجماع الأمة على ذلك.
وصفة التتابع في الصوم أن يتابع الشهرين لا يفصل بينهما بإفطار يوم، وقال أصحابنا: إذا صام شهرا وزيادة ثم أفطر خطأ جاز له البناء كالتفصيل الذي ذكرناه في الفصل الأول، وقوله " توبة من الله " أي رحمة من الله لكم إلى التيسير عليكم بتخفيفه عنكم من فرض تحرير رقبة مؤمنة بإيجاب صوم الشهرين المتتابعين.
الفصل الثالث: في صوم كفارة اليمين:
قال الله تعالى: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم، إلى قوله: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم، فحد من لم يكن بواجد هو من ليس عنده ما يفضل عن فوته وقوت عياله يومه وليلته، وهو قول قتادة والشافعي أيضا، فصوم هذه الثلاثة الأيام متتابع، فأما إذا قال القائل " إذا فعلت كذا فلله على أن أتصدق بمائة دينار أو أصوم يوم كذا " فهذا عندنا نذر، وعند أكثر الفقهاء يلزمه مائة دينار أو الصوم، وقال أبو علي عليه كفارة يمين، لقوله " ذلك كفارة أيمانكم، وهو عام في جميع الأيمان وعندنا هذا ليس بيمين بل هو نذر يلزمه الوفاء به، لقوله " أوفوا بالعقود " ولقوله " وليوفوا نذورهم " ولقوله " يوفون بالنذر "، والوفاء بالنذر هو أن يفعل ما نذر عليه، والوفاء إمضاء العقد على الأمر الذي يدعو إليه العقد، ومنه قوله: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود، أي العقود الصحيحة لأنه لا يلزم أحدا أن يفي بعقد فاسد وكل عقد صحيح يجب الوفاء به.
الفصل الرابع: في صيام أذى حلق الرأس:
قال الله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك، أمر الله تعالى أن لا يزيلوا شعور رؤوسهم من أول ذي القعدة حتى ينتهي الهدي إلى