واعلم رحمك الله أن الصوم حجاب ضربه الله عز وجل على الألسن والأسماع والأبصار وسائر الجوارح لما له في عادة من سره وطهارة تلك الحقيقة حتى يستر به من النار، وقد جعل الله على كل جارحة حقا للصيام فمن أدى حقها كان صائما ومن ترك شيئا منها نقص من فضل صومه بحسب ما ترك منها، واعلم أن أول أوقات الصيام وقت الفجر وآخره هو الليل طلوع ثلاثة كواكب ترى مع غروب الشمس وذهاب الحمرة من المشرق وفي وجوه سواد المحاجز، وأدنى ما يتم به فرض الصوم العزيمة وهي النية وترك الكذب على الله وعلى رسوله ثم ترك الأكل والشرب والنكاح والارتماس في الماء واستدعاء القذف، فإذا تم هذه الشروط على ما وصفناه كان مؤديا لفرض الصوم مقبولا منه بمنة الله تعالى.
وما يلزمه من صوم السنة فضل الفريضة، وهو ثلاثة أيام في كل شهر: الأربعاء بين الخمسين وصوم شعبان ليتم به نقص الفريضة، وشهر رمضان ثلاثون يوما وتسعة وعشرون يوما، يصيبه ما يصيب الشهور من التمام والنقصان والفرض تام فيه أبدا لا ينقص كما روي، ومعنى ذلك الفريضة فيه الواجبة قد تمت وهو شهر قد يكون ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما.
باب نوافل شهر رمضان ودخوله اعلم يرحمك الله أن لشهر رمضان حرمة ليست كحرمة سائر الشهور لما خصه الله به وفضله وجعل فيه ليلة القدر والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.
فعليكم بغض الطرف وكف الجوارح عما نهى الله عنه وتلاوة القرآن والتسبيح والتهليل والإكثار من ذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الليل والنهار ما استطعتم، ولا تجعلوا يوم صومكم كيوم فطركم وإن الصوم جنة من النار، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من دخل عليه شهر رمضان فصام نهاره وأقام وردا في ليله وحفظ فرجه ولسانه وغض بصره وكف أذاه خرج من ذنوبه