انعقد صومه، ومتى لم ينو متعمدا مع العلم بأنه شهر رمضان حتى يصبح فقد فسد صومه و عليه القضاء، وإن لم يعلم أنه من شهر رمضان لعدم رؤيته أو لشبهة ثم علم بعد أن أصبح جاز له أن يجدد النية إلى الزوال وصح صومه ولا إعادة عليه، وإن فاتت إلى بعد الزوال أمسك بقية النهار وكان عليه القضاء كما قدمنا. وجملة الأمر وعقد الباب أن الصوم المتعين مع الذكر له يجب أن ينوي مكلفة من الليل وجميع الليل محل لنيته، فإن تركها متعمدا فإنه يجب عليه القضاء، وإن تركها ساهيا أو بأن لا يعلمه فله أن ينوي ما بينه وبين زوال الشمس، فإن زالت فقد فاتته ويجب عليه القضاء.
والذي ينبغي تحصيل ما يوجد في الكتب من أن رمضان لو صام الانسان فيه بنية النذر أو بنية الكفارة أو القضاء أو الندب وقع عن رمضان لأنه زمان لا يصح أن يقع فيه صوم سوى صوم رمضان، والذي يجب فيه أن يقال: هذا مع عدم علم المكلف بأنه رمضان وصام بنية صيام غيره وقع عنه وأجزء، فأما إذا علمه وحققه فلا يجزئه إلا أن ينوي لأن النية تحتاج أن تطابق المنوي لقول الرسول ع: الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى، فكيف يجزئ صوم النفل عن الصوم الواجب الذي قد علمه المكلف وحقق زمانه وإنما يجزئ ذلك الناسي وغير العالم.
فإطلاق ما يوجد في كتب أصحابنا راجع إلى غير العالم المتحقق لزمان رمضان، فأما العالم فلا بد له مع ذكره لنية القربة من نية الوجوب فحسب دون نية التعيين لأن الواجب على ضروب، فإذا نوى أصوم واجبا فلم يعين، فإذا قال: أصوم واجبا رمضان، فقد عين فلا يظن ظان أنه إذا قال: أصوم واجبا فقد عين. وأما الصوم غير المتعين فمحل النية طول ليلة نهاره وإلى قبل زوال الشمس من يومه سواء تركها عامدا أو ناسيا. فهذا الفرق بين ضربي الصوم الواجب.
فأما صوم التطوع فله أن ينوي ما دام في نهاره سواء كان بعد الزوال أو قبله على الصحيح من الأقوال والأخبار، وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مبسوطه: ومتى فاتت إلى بعد الزوال فقد فات وقتها إلا في النوافل خاصة فإنه روي في بعض الروايات جواز تجديدها بعد الزوال و