المجانين وغيرهم، ولا فرق بين أن يكون كامل العقل في الأصل أو يزول عقله فيما بعد في أن التكليف يزول عنه اللهم إلا أن يزول عقله بفعل يفعله على وجه يقتضي زواله بمجرى العادة، فإنه إذا كان كذلك لزمه قضاء جميع ما يفوته في تلك الأحوال وذلك مثل السكران وغيره فإنه يلزمه قضاء ما فاته من العبادات كلها.
وإن كان جنى جناية زال معها عقله على وجه لا يعود بأن يصير مجنونا مطبقا فإنه لا يلزمه قضاء ما يفوته، وأما إذا زال عقله بفعل الله مثل الإغماء والجنون وغير ذلك فإنه لا يلزمه قضاء ما يفوته في تلك الأحوال. فعلى هذا إذا دخل عليه شهر رمضان وهو مغمى عليه أو مجنون أو نائم وبقي كذلك يوما أو أياما كثيرة أفاق في بعضها أو لم يفق لم يلزمه قضاء شئ مما مر به سواء أفطر فيه أو طرح في حلقه على وجه المداواة له فإنه لا يلزمه القضاء حينئذ.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مبسوطه: لا يلزمه القضاء لشئ مما مر به إلا ما أفطر فيه أو طرح في حلقه على وجه المداواة له فإنه يلزمه حينئذ القضاء لأن ذلك لمصلحته و منفعته وسواء أفاق في بعض النهار أو لم يفق فإن الحال لا يختلف فيه، وما ذكره رحمه الله كلام المخالفين فلا يظن ظان أنه قوله واعتقاده لأن هذا ينافي أصول المذهب لأن الخطاب بالعبادات لا يتوجه إلا إلى كاملي العقول، وأيضا القضاء فرض ثان يحتاج إلى دليل شرعي في إثباته فإن القضاء غير مانع للمقضي لأنه يحتاج إلى دليل شرعي.
وأما البلوغ فهو شرط في وجوب العبادات الشرعية وحده في الرجل إما بالاحتلام أو بلوغ خمس عشرة سنة أو الإنبات وهو خشون العانة. والمرأة يعرف بلوغها من خمس طرائق: أما الاحتلام أو الإنبات أو بلوغ تسع سنين.
وذكر شيخنا أبو جعفر رحمه الله في مبسوطه في كتاب الصوم: عشر سنين، وفي نهايته: تسع سنين، وهو الصحيح الظاهر في المذهب لأنه لا خلاف بينهم أن حد بلوغ المرأة تسع سنين، فإذا بلغتها وكانت رشيدة سلم الوصي إليها مالها وهو بلوغها الوقت الذي يصح أن تعقد على نفسها عقدة النكاح ويحل للبعل الدخول بها بغير خلاف بين الشيعة الاثني عشرية.
والحيض والحمل.
هكذا يذكر في الكتب. والمحصل من هذا بلوغ التسع السنين لأنها لا تحيض قبل ذلك