فأما غبار النفض فالذي يقوى في نفسي أنه يوجب القضاء دون الكفارة إذا تعمد الكون في تلك البقعة من غير ضرورة فأما إذا كان مضطرا إلى الكون في تلك البقعة ويحفظ ويحتاط في التحفظ فلا شئ عليه من قضاء وغيره لأن الأصل براءة الذمة من الكفارة وبين أصحابنا في ذلك خلاف والقضاء مجمع عليه.
فأما المقام على الجنابة متعمدا حتى يطلع الفجر فالأقوى عندي وجوب القضاء والكفارة للإجماع على ذلك من الفرقة ولا يعتد بالشاذ الذي يخالف في ذلك وكذلك يقوى في نفسي القضاء والكفارة على من ازدرد شيئا يقصد به إفساد الصوم سواء كان مطعوما معتادا مثل الخبز واللحم أو لا يكون معتادا مثل التراب والحجر والحصى والخرق والبرد وغير ذلك لأنه إجماع من الفرقة.
ومن ظن أن الشمس قد غابت لعارض يعرض في السماء من ظلمة أو قتام ولم يغلب على ظنه ذلك ثم تبين الشمس بعد ذلك فالواجب عليه القضاء دون الكفارة، فإن كان مع ظنه غلبة قوية فلا شئ عليه من قضاء ولا كفارة لأن ذلك فرضه لأن الدليل قد فقده فصار تكليفه في عبادته غلبة ظنه، فإن أفطر لا عن أمارة ولا ظن فيجب عليه القضاء والكفارة.
ومن تمضمض للتبرد فوصل الماء إلى جوفه فعليه القضاء دون الكفارة للإجماع على ذلك.
فقد اختلف في ذلك، من أصحابنا من يوجب القضاء فحسب ومنهم من لا يوجبه وهو الذي أراه وأفتى به لأن الأصل براءة الذمة والإجماع فغير حاصل عليه، وكذلك تعمد القئ والسعوط وتقطير الدهن في الأذن، ومن طعن بطنه فوصل السنان إلى جوفه.
والكفارة اللازمة عتق رقبة مؤمنة.
وبعض أصحابنا لا يعتبر الإيمان في الرقبة إلا في قتل الخطأ فحسب والصحيح من المذهب اعتبار الإيمان في الرقاب في جميع الكفارات. فإن قيل: فما قيد بالإيمان إلا في كفارة قتل الخطأ؟ قلنا: فقد قال سبحانه: ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون، والعتق من جملة الانفاق والكافر خبيث بغير خلاف فقد نهانا عن إنفاقه الذي هو إعتاقه والنهي يدل على فساد