ربما لا يثور غضب المواجه أو المنسوب إليه بذلك لأنه يعلم أن مراد القائل ليس هو النسبة وهذا شايع في غير المبالين من الناس فلا يرون أنه نسب العمل الكذائي إليه بل يرى أنه أتى بكلمة الفحش أو بكلام لغو فلا يرتب على ذلك أثرا ولو كان يستظهر منها النسبة لما كان يدعه بل ربما يقدم على قتله كما وقع ذلك من شخص كان له سلاح فقال له قائل: إن أختك كذا، فذهب وأتى بسلاحه وقتله به.
وكيف كان فلو لم يحصل القطع بأنه من باب الفحش لا من باب القذف فلا أقل من حصول الشبهة فيجري الأصل ويدرء عنه الحد. هذا.
ثم إنه قد أورد علينا بعض بأن مقتضى رواية زرارة هو عدم اشتراط القصد، فإن الرواية هذه:
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال: إن عليا عليه السلام كان يقول: إن الرجل إذا شرب الخمر سكر، وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فاجلدوه حد المفتري (1).
فقد ذكر فيها أن السكران يحد حد القذف لأنه يفتري.
ولكن فيه أن الرواية بصدد بيان حكمة كون حد شارب الخمر ثمانين فحيث إن السكران قد يقذف فلذا يكون حد شرب الخمر هو حد القذف لا أن يكون هذا الحد حد قذفه بل هو حد شربه ولذا ترى أنه لو شرب الخمر وسكر لكنه لم يقذف ولم يفتر فإنه يجلد والحال أنه على قولكم يلزم أن لا يكون عليه حد حينئذ.
اشتراط الاختيار ومن جملة ما اعتبروه شرطا في حد القاذف هو الاختيار فلا حد على من أكره على القذف فأقدم عليه لذلك كما في سائر الأمور الواقعة عن إكراه فليس الحد من قبيل الأثر الوضعي كالنجاسة التي تحصل وتحتاج إلى التطهير سواء