الثوب المحكوم بالطهارة مع الجهل بنجاسته حيث إنه إذا انكشف كونه نجسا فإنه لم ينكشف الخلاف بالنسبة إلى ما مضى بل تغير الحكم من هذا الحين لأن بطلان الصلاة مترتب على النجس المعلوم. ففي المقام يكون النسبة إلى الزنا بدون الاتيان بالأربع موجبة للحد مع الجهل بوقوعه فإذا قامت البينة أو أقر المقذوف بالفعل فمن هذا الحين ينقطع الحكم بالحد.
وهذا بخلاف أن يقال إن الموضوع للقذف هو مورد التستر وإن كان القاذف عالما بينه وبين الله بزناه فإنه لم يكن له إظهار ذلك فإذا قامت البينة أو اعترف المقذوف فإنه ينكشف بذلك أن الموضوع لم يكن حاصلا وأنه كان يتخيل كون الزاني متسترا وعليه فمن أول الأمر لم يكن الموضوع محققا ولم يكن الحكم بالحد بالطبع ثابتا وإنما كان ذلك بحسب الظاهر فكأن نسبة الزنا إلى غير الزاني والزانية موجبة للحد، والبينة كاشفة عن أنه كانت زانية مثلا، وكذا بالنسبة إلى الاقرار وإنما كان بحسب الظاهر يتخيل أنها كانت محصنة يترتب على قذفها الحد. فعلى الأول يتم التعبير ب (يسقط) وهذا هو الوجه في تعبير العلماء كذلك وأما على الوجه الثاني فلا وجه للتعبير به لأنه في الواقع لم يكن حتى يسقط.
وكيف كان فلا يقام على القاذف حد القذف في الموارد الأربعة.
وهل يعزر بعد سقوط الحد عنه؟
بقي الكلام هنا في أنه هل يعزر القاذف بعد أن سقط عنه الحد أو أنه يسقط عنه التعزير أيضا فليس عليه شئ؟ وجهان.
فمن أن الثابت عليه كان هو الحد وقد سقط بأحد هذه الأمور ولا دليل على ثبوت التعزير عليه بعد ذلك فليس عليه التعزير.
ومن أن ثبوت المقذوف به بالبينة أو الاقرار لا يجوز القذف وإن جوز إظهاره عند الحاكم لإقامة الحد عليه، والعفو واللعان أيضا لا يكشفان عن إباحته ولا يسقطان إلا الحد فيلزم أن يعزر على ما ذكروه من ثبوته في كل كبيرة.