حد المسكر والفقاع أقول: إن المسكر هو ما يسمى في الفارسية ب (مست كننده) ولم يتعرض المحقق وكثير من المتقدمين والمتأخرين لتعريف المسكر الذي هو محل الكلام والبحث.
نعم قد تعرض صاحب الجواهر لذلك قائلا: الذي يرجع فيه إلى العرف كغيره من الألفاظ. وقد تخلص في الحقيقة عن ذلك بأن المراد منه هو ما يفهمه العرف أنه مسكر. ثم قال: وإن قيل هو ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم وظهور السر المكتوم، أو ما يغير العقل ويحصل معه سرور وقوة النفس في غالب المتناولين، أما ما يغير العقل لا غير فهو المرقد إن حصل معه تغيب الحواس الخمس وإلا فهو المفسد للعقل كما في البنج والشوكران، ولكن التحقيق ما عرفته فإنه الفارق بينه وبين المرقد والمخدر ونحوهما مما لا يعد مسكرا عرفا انتهى.
وعليه فقد عرفه بعض بما حاصله: هو ما يحصل بسببه اختلال في نظم الكلام ونسقه وترتيبه، ويظهر به ما لا يظهره العقلاء من الأسرار، فالسكران يتفوه بكلمات وجملات مخلة النظام وغير المرتبط بعضها مع بعض وبذلك يعرف السامعون أن المتكلم سكران كما أنه قد يقدم على ذكر الأسرار المكنونة وإبداء ما يهتم العقلاء بإخفائه وعدم ذكره ويعتنون بكتمانه بحيث يعلم من ذكر تلك الأمور أنه ليس في حال طبيعي وإلا لم يكن كذلك.
وهو عند بعض آخر ما يغير العقل ويحدث سرورا ونشاطا وقوة في النفس غالبا، وترى أن من شرب الخمر مثلا فهو كالحيوان الذي انحل عقاله لا يتحرك على ميزان صحيح ولا يسير على منهاج معقول فقد تغير عقله وترى له نشاطا وسرورا كاذبا محسوسا وقوة في نفسه بحيث ربما اجتمع اثنان أو ثلاثة بل وأكثر