العدوان في المجتمع وقطع روابطهم فلذا كانت إشاعة كون فلان زانيا مبغوضة عند الله تعالى دون إشاعة كون فلان قاذفا فإنه ليست كذلك.
في طرق ثبوت القذف قال المحقق: ويثبت القذف بشهادة العدلين أو الاقرار مرتين.
أقول: أما الأول فلعموم أو إطلاق دليل حجية البينة وحيث إنه ليس كالزنا فلذا يكتفي فيه بشاهدين خلافا للزنا الذي لا بد فيه من أربعة شهود.
وأما الاقرار مرتين فليس فيه نص خاص وإنما الوارد هو الدليل الكلي، أي إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، وفي الجواهر: لا أجد فيه خلافا.
ومقتضى التمسك به هو الاجتزاء بإقرار واحد أي مرة واحدة ولكنهم اعتبروا هنا مرتين، ولعل ذلك لمكان أنهم جعلوا إقراره بمنزلة الشهادة فكما أنه يعتبر في الاقرار بالزنا أربعة أقارير كما يعتبر في الشهادة أربعة شهود كذلك في المقام يعتبر إقراران كما يعتبر في الشهادة فيه الشاهدان.
والحق أنه إن كان هنا إجماع كما هو الظاهر من صاحب الجواهر فهو وإلا فللمناقشة مجال ومقتضى القاعدة هو الاكتفاء بالاقرار مرة واحدة.
وأما ما قد يقال من أن اعتبار المرتين في الاقرار من جهة بناء الحدود على التخفيف فينزل إقراره منزلة الشهادة على نفسه فيعتبر فيه التعدد.
ففيه أنه يشبه المصادرة ومع ذلك فلا يخلو عن إشكال ولزم تنزيل بينة القذف منزلة بينة الزنا والحكم باعتبار الأربعة أيضا في المقام.
وعلى الجملة فالظاهر أنه لا يصح التمسك بقاعدة بناء الحدود على التخفيف في إثبات اعتبار التعدد مع دلالة دليل الاقرار بنفسه على كفاية المرة.
نعم يمكن أن يقال: إنه بعد ذهاب العلماء كلهم إلى اعتبار المرتين وعدم الاجتزاء بمرة واحدة فهذا يوجب الشبهة ولا أقل من ذلك وحينئذ فيدرء الحد بها، ولولا ذلك فما ذكره غير تام.