عدم اتصاف الولد بصفات والده يحمل كثيرا له على أن ينفيه عنه بل قد يقع ذلك بالنسبة إلى الغير أيضا نظير ما ورد في القرآن الكريم حكاية عن بني إسرائيل خطابا لمريم: يا أخت هارون ما كان أبوك امرء سوء وما كانت أمك بغيا (1) ونحن جميعا نعلم أنه إذا كان هناك رجل عظيم ذو وجهة عالية ومكانة معنوية سامية وكان ولده على سبيل النشئ والاحداث غير مبال بالآداب ولا معتن بمبادئ الدين فإنه يقال له: إنك لست ولد أبيك أو ولد فلان، والقرائن تشهد بأن هذا ليس رميا بل تستعمل الكلمة المزبورة تعييرا وزجرا له، وفي مقام النصحية فلا يوجب ذلك حدا.
صور من القذف قال المحقق: ولو قال زنت بك أمك أو يا بن الزانية فهو قذف للأم وكذا لو قال زنى بك أبوك أو يا بن الزاني فهو قذف لأبيه ولو قال: يا بن الزانيين فهو قذف لهما ويثبت به الحد ولو كان المواجه كافرا لأن المقذوف ممن يجب له الحد.
أقول: اللفظان الأولان يحسبان رميا للأم وإن كان المواجه هو الابن لأن النسبة كانت إلى الأم، والرمي قد تعلق بهما. وأما الثالث والرابع فهما قذف لأبيه لأنه نسب الزنا إلى أب المخاطب تارة بلفظ الماضي وأخرى بلفظ اسم الفاعل كالصورتين السابقين. وأما اللفظ الخامس فهو قذف لكليهما حيث أتى بلفظ التثنية فيجب الحد إذا ففي جميع الصور الخمس قد تحقق القذف بالنسبة إلى الغائب ولا خلاف في ذلك ولا فرق بين كون المواجه مسلما أو كافرا فإن القذف ليس بالنسبة إليه ولا الحد ليس لأجله وهذا هو فائدة تمييز المواجه عن المقذوف، فإن الحد يتعلق بالقذف وهو حق للمقذوف فلا بد من أن يعلم من هو صاحب الحق هل هو المخاطب أو أبوه أو أمه أو كلاهما، وإجراء الحد موقوف