المولى عبده. هذا تمام الكلام في هذا المقام.
تذكرة فقهية أخلاقية ثم إنه لا بد من أن يكون المقصود والهدف في مقام الضرب هو التأديب الراجع إلى مصلحة الصبي لا ما يثيره الغضب النفساني وإلا فربما يؤول الأمر إلى أن يؤدب المؤدب لأن ضربه لم يكن لله تبارك وتعالى. وعلى هذا فلا بد من أن يكون ضربه في الحال الطبيعي العادي لا حال الغضب ولو كان مغضبا يكون غضبه لله تعالى لا لنفسه حتى يسوغ ضربه وهذه الحالة قلما توجد إلا في النفوس الزكية الطاهرة.
وقد ورد في حالات أمير المؤمنين عليه السلام إنه ألقى عدوه على الأرض وجلس على صدره ولما أراد أن يقطع رأسه فإذا هو قد ألقى بصاقه عليه فقام الإمام وتركه قليلا ثم رجع وقتله وحيث سئل عن إعراضه الأول ثم رجوعه إلى العدو أجاب بأني غضبت في تلك الوقت لما صنع العدو بالنسبة إلي فلم أقتله في هذه الحالة لثوران نار الغضب فتركته كي يسكن غضبي ثم أتيته وقتلته كي يكون عملي خالصا لله تبارك وتعالى لا ناشئا عن الأهواء النفسانية وإشباعا لها (1).
لكن أين هو عنا وأي إنسان يملك نفسه وهواه عند غضبه، ويقدر على إطفاء نائرة غيضه، والاقدام على الضرب لله تعالى محضا وخالصا لوجهه الكريم إلا أنه لو حصل للانسان هذا المقام فله الأثر الخاص في كمال النفس وتهذيبه وهو منشأ سعادته في الدنيا والآخرة.