ثانيها ما لا يكون بهذا الحد يعني أنه قد غضب لكنه لم يسلب عنه الاختيار.
وما ذكروه من عدم مؤاخذة الساب على سبه يتم في الفرض الأول وأما إذا كان الغضب على النحو الثاني الباقي معه الاختيار فلا وجه هناك لعدم ترتب آثار السب وإلا فكل قتل مثلا يقع في العالم فإنما هو ناش عن الغضب وقل ما يتفق أن يقدم أحد على قتل أحد بلا غضب.
ولذا قال في الجواهر - بعد ذكر المطلب والاستشهاد عليه بالرواية -:
وإن كنت لم أجد من أفتى به على وجه لا يستلب الغضب اختياره بحيث يسقط عنه التكليف انتهى.
حكم من قال بأن النبي صلى الله عليه وآله كغيره ثم إن ما ذكر كان حكم الساب فلو لم يسب وإنما قال: إن النبي كغيره، فما هو حكمه؟.
أقول: إن هذه الجملة لا تعد سبا ومع ذلك فلا تخلو عن حالين:
فتارة يقتصر القائل على مجرد هذا بلا عناية إلى لوازمه فهذا لا يترتب عليه شئ فترى أن الله سبحانه أمر نبيه الخاتم أن يقول: (إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي) (1) فهو أيضا بشر مثل غيره بنص الله تعالى وإنما فضله ومزيته على الناس في نزول الوحي إليه دون غيره، وهذا القائل قد اقتصر على الجملة الأولى من الآية ولم يذكر تتمة الآية وسكت عن جهة امتيازه على غيره.
وأخرى يريد القائل به أنه كسائر الناس وعامتهم وكان بصدد إنكار ما له من المزايا والفضائل الجمة وهذا رد صريح على القرآن الكريم وجحد لما أثبته وبينه بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وإسقاط له عن درجة الرسالة فيترتب عليه آثار ذلك.