وصيرورة المثمن ملكا للمشتري. إلا أن ظاهر قول البائع " بعت " وقول المشتري " اشتريت " وعملهما هو التبديل، لكن الحاصل من ذلك هو المبادلة - وإن لم تكن مقصودة لهما - بمعنى تحقق ملكية كل منهما لما كان ملكا للآخر.
وبما ذكرنا ظهر اندفاع ما أورده بعضهم قائلا: إن الأولى أن يقال " تبديل مال بمال "، وإن كان التعريف بالتبديل صحيحا أيضا باعتبار النظر إلى ما هو المقصود من المتبايعين.
وقيل: إن البيع تمليك مال بمال. وأشكل عليه بأن التمليك ايجاد السلطنة وليس بيعا.
وفيه: أن الباء هذه للمقابلة، أي جعل المال ملكا في قبال الآخر، فهو كالتعريف بالمبادلة ولا غبار عليه، وكأن الاشكال قد نشأ من توهم تعلق الباء ب " تمليك.. " وهو خلاف الظاهر.
والملكية - في اصطلاح الفقهاء - أمر اعتباري متقوم بالمالك والمملوك، فبالبيع الواحد تتحقق إضافة بين البائع والثمن من جهة وبين المشتري والمثمن من جهة أخرى. وهي من الوضوح بحيث لو أرسل الصبي إلى السوق لشراء شئ ما فهم ما هو المراد من البيع والشراء، وهو يعلم أن هذا الثمن سيصبح للبائع في مقابل المثمن الذي سيأخذه منه، فالحاصل من البيع صيرورة مال البائع للمشتري ومال المشتري للبائع، وهذا المعنى يفهمه كل أحد.