الفن الثاني في البحث عن حال الهيولى مهية وحقيقة وفيه فصول فصل (1) في الإشارة إلى مهية الهيولى من جهة مفهوم الاسم واثبات وجودها وتحقيق آنيتها بحيث ما أنكر أحد له أقل تمييز ان في الأجسام سنخا يتوارد عليه الصور والهيئات ولها خميره يختلف عليها الاستحالات والانقلابات ولا يحتاج الجمهور في اثبات وجود امر يصدق عليه مفهوم هذا الاسم أعني المادة القابلة لوجود هذه الحوادث واللواحق وزوالها فان كل من له استيهال مخاطبة علمية يعلم ويعتقد يقينا بالفكر أو الحدس ان التراب يصير نطفة والنطفة تصير جسد انسان أو حيوان والبذر يصير شجرا والشجر يصير رمادا أو فحما.
وإذا قيل إنه خلق من الماء بشرا ومن الطين حيوانا لا يخلو اما ان يفهم من هذا القول إن النطفة باقيه نطفة والطين طينا ومع هذا فهو بشر وحيوان حتى يكون في حاله واحده نطفة وجسد انسان أو طينا وحيوانا واما ان يكون بطلت النطفة بكليتها حتى لم يبق منها شئ أصلا وكذا الطين.
ثم حدث حيوان أو انسان فحينئذ ما خلق الانسان من نطفة ولا الحيوان من طين بل ذلك شئ بطل بكليته وهذا شئ آخر حصل جديدا بجميع اجزائه واما ان يكون الجوهر الذي كان فيه الهيئة النطفية أو الطينية بطلت عنه تلك الهيئة وحصلت فيه هيئة انسانية أو صوره حيوانية والقسمان الأولان باطلان عند الكافة وليست مما يعتقدهما العامة ولذلك كل من زرع بذرا لينبت شئ منه أو تزوج ليكون له ولده يفرق بين ولده وغيره بأنه من مائه ويحكم على الزرع بأنه من بذره وعلى الفرخ بأنه من بيضه.
أولا ترى انه لا يحصل في الزراعة من البر غير البر ومن الشعير غير الشعير ولا في التوليد