فصل (6) في كيفية كون الشئ الواحد بالعموم علة لشئ واحد بالعدد بوجه خاص لما تبين وتحقق ان الصورة ليست مع الهيولى في درجه واحده بل لها درجه من السبق لم يكن الهيولى في تلك الدرجة.
وظهر مع ذلك أن الصورة ليست سببا تاما ولا علة فاعليه وان هناك لا محاله شئ وراء الصورة يتعلق به الهيولى ليفيض عنه وهو جوهر نوري إلهي وفعل قدسي سبحاني لاستحالة كونه جوهرا نفسانيا فضلا عن كونه صوره أو طبيعة جرمية لكن يستحيل ان يكمل فيضانها عنه بلا توسط صوره أصلا بل انما يتم الامر بهما جميعا فهذا النور العقلاني يهب الصورة الجرمية باذن رب الصور المجردة ويقيم الهيولى بذات الصورة من حيث هي مطلقه دون العكس بان يقيم الصورة بذات الهيولى.
إذ لا ذات لها أصلا الا بالصور كما مر وكيفية ذلك أنه إذا انقطعت صوره معينه تلبست بها الهيولى أدامها واستبقاها بتعقيب صوره عاقبه فمن حيث إن اللاحقة تشارك السابقة في أنها صوره ما تعاون المقيم القدسي على الإقامة ومن حيث إنها تخالفها تجعل الهيولى بالفعل جواهر غير الجوهر الذي كان بالسابقة فالصورة من وجه واسطه بين العلة ومعلولها فلا محاله تكون متقومة بالعلة ومتقدمة تقدما بالذات فهي أقدم تحصلا وثبوتا من الهيولى وهي فعل وقوه فعليتها في الهيولى التي هي قوة محضه.
ولعلك تقول كيف يصح في فتوى العقل كون طبيعة (1) مطلقه مبدء لوجود