كان من المطالب وحينئذ يكون البحث حريا بان يكون جامعا لطرفي المادة و الصورة معا.
ثم نقول إن ما ذكروه من أن لا مادة أعم اشتراكا فيها وابعد عن الصورة من الهيولى الأولى وفي علمنا كذا وكذا لا يدل دلالة واضحه على ما هو بصدده فان البحث عن أحوال المادة الأولى وانها مادة للصور كافه وانها بالقوة كل شئ وانها واحده أو متعددة وان وحدتها أي نوع من الوحدة أو غير ذلك يكون جميع ذلك في الحقيقة بحثا عن الصورة لا عن المادة بما هي مادة فان الهيولى أيضا يعتبر فيها معنيان شبيهان بالمادة والصورة أعني جنسها وفصلها فالجوهرية جنسها وكونها مادة للأشياء فصلها وكذا كونها بالقوة كل شئ هو فعليتها التي بها تمت نوعيتها البسيطة.
فان البحث عن كون الهيولى قوه محضه في بابها ليس يجب ان يكون بحثا عن شئ من الأنواع التي ركبت منها ومن الصورة فكم من نوع جسماني وقع البحث عنه وعن أحواله من غير أن يقع الالتفات إلى جانب مادته الأولى فلو كان معرفه المادة لكل نوع مما يجب البحث عنها في معرفه ذلك النوع لاستحال لاحد من الناس معرفه شئ من أنواع الأجسام في الكمال الا لمعرفة الهيولى الأولى والمراجعة إليها والامر على خلافه.
كيف وكثير من الحكماء السابقين أنكروا ان يكون لها حقيقة والذي سنح بالبال في هذا المقام ان يقال إن الأنواع المادية بما هي واقعه في عالم التغير وحركة متقومة بالعدم والحدوث وحركه والكمال فهي لا محاله لا بد ان يكون لها جهة قوه وجهه فعليه فاذن ينبغي للحكيم ان يعرف كل واحد من جانبي نقصه وكماله وجهتي قوته وفعليته ومادته وصورته لان صورته صوره شئ تحرك نحوها واستكمل بها.
فصل (8) في معرفه كيفية تركب الجسم الطبيعي عن مادته وصورته الحق عندنا موافقا لما تفطن به بعض المتأخرين من اعلام بلدتنا شيراز حرسها الله وأهلها ان التركيب بينهما اتحادي بيان ذلك يستدعى تمهيد مقدمتين