فصل (4) في كيفية التلازم بين الهيولى والصورة ليظهر نحو وجود كل صوره بالقياس إلى ما هو حامل لها وتقدمها في الوجود على هيولاها اعلم انك لما علمت أن الصورة الجسمية لذاتها غير مستغنية عن الهيولى وان الهيولى أيضا مفتقرة لذاتها إلى الصورة فعلمت ان بينهما علاقة ذاتية ليست بمجرد اتفاق و كل شيئين يكون العلاقة بينهما ذاتية فلا يخلو اما أن تكون تلك العلاقة علاقة التضايف أو علاقة العلية والمعلولية اما الأولى فغير ثابته بينهما لان ذات كل واحده منهما غير معقولة بالقياس إلى الأخرى نظرا إلى ذاتيهما وان كانت الهيولية بحسب المفهوم داخله تحت المضاف إذ لا يعقل الا بالقياس إلى ما هي قوة أو ذات قوة له أو استعداد أو ذات استعداد له وكذا مفهوم كون الشئ صوره لا يعقل الا بالقياس إلى ما يتم ويكمل بها لكن الكلام في نفس حقيقة كل منهما مع قطع النظر عن مفهوم اسم كل منهما والا لم يحتج في استلزام كل منهما للاخر إلى برهان لان المتضائفين يعقلان معا.
واما الثانية فهي وان كانت في بادي الامر يحتمل قسمين أحدهما ان يكونا متكافئين والاخر ان لا يكونا كذلك.
لكن الشق الأول وهو كون الشيئين بحيث يكون كل منهما علة للاخر ينفسخ بأدنى توجه من العقل الصحيح من غير حاجه إلى كلفه الاستدلال وفرق بين كون الشيئين بحيث يستلزم وجود كل واحد منهما وجود الاخر أو عدمه عدمه وبين كون كل منهما سببا للاخر وجودا أو عدما.
فالثاني فاسد والأول صحيح بشرط ان يكون معنى الاستلزام في الثاني هو ان يكون وقوعه كاشفا عن وقوع ما هو سبب له أولا.
ثم الشق الثاني أيضا يتصور قسمين أحدهما ان يكون كلاهما معلولي علة واحده.